الأحد، ٢٣ مايو ٢٠١٠

مشاركه طلابيه

الأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية
فرع القاهرة
بحث عن
الجودة في اليابان من منظور كلي

إلى الاستاذ الدكتور / محمد عنتر أحمد
إعداد / مصطفى محمد سيد أحمد الحته
لا شك أن مفهوم الجودة قديم قدم الزمن إلا أن التوثيق والتناول الفكري لم يظهر إلا مع النهضة الصناعية الحديثة وقيام الصناعة وظهور نظرية الإدارة العلمية لتايلور وزملائه في الفترة من ( 1880 وحتى1920 ) وقد مرت بمراحل عديدة أولها مراقبة الجودة من العامل منفردا ثم انتقلت لرقابة الجودة من المشرف خلال ظهور نظرية الادارة العلمية وما لبثت أن تطورت أثناء الحرب العالمية الأولى إلى الفحص عن طريق مفتشين متفرغين لأعمال الفحص والرقابة وفي المرحلة الرابعة التي تسمى الرقابة الإحصائية على الجودة التي جاء بها إدوارد ديمنج الأمريكي خلال فترة عمله بشركة جنرال موتورز عام 1930 إلا انه لم يلق أذنا صاغية في بلاده وقام بتنفيذها في اليابان .
وتمثل هذه الخطوة الرابعة اهم مراحل تطوير الرقابة على الجودة ثم جاءت المرحلة الخامسة الاخيرة بالرقابة الكلية على الجودة والتي يعتبر فيها جوزيف جوران الامريكي من أكبر المنظرين فيما يتعلق بمساعدة اليابانين في تعميم مفاهيم الجودة. وقبيل الدخول في التجربة اليابانية للجودة من الضروري التعريف بها وملامحها العامة ولكثرة التعاريف فأنه بات من الضروري عرض بعضها وصولا الى معرفة واضحة لأبعادها فقد عرفها الكثيرون إلا أن التعاريف التالية تشكل معظمها مساقا نحو الهدف وهي :
1. درجة متوقعة من التوافق والثقة عند التكلفة محدودة تتناسب مع السوق.
2. الملاءمة للإستخدام والغرض.
3. التوافق مع المتطلبات.
4. تقديم سلعة أو خدمة يعتبرها المستهلك مرضية ومشبعة لحاجاته.
5. خلو المنتج من العيوب دون أي فاقد للمواد والطاقة والوقت.
6. تسليم المنتج إلى المستهلكين في الوقت المحدد نفسه دائما.
7. حاجات المستهلك غير محددة ويجب إشباعها في الوقت المناسب وبطريقة تراعي اللياقة في التعامل والمجاملة.
8. مجموعة من المبادئ والأدوات والإجراءات التي توفر حاجات المستهلك.
9. الرقابة والتحسين المستمر لجودة المنتج ولكيفية أداء الأعمال من أجل الوفاء بتوقعات المستهلك.
10. فلسفة تدرك أن إحتياجات المستهلكين وأهداف الشركة لا ينفصلان.
11. فلسفة تحقيق أهداف المنظمة والوفاء بما يتوقعه المستهلك والمجتمع بالطرق الأكثر كفاءة وفاعلية في التكلفة وذلك بتعظيم الطاقات الكامنة في العاملين بدفع مستمر للتطوير والتحسين.
12. خلق ثقافة متميزة في الأداء لتحقيق توقعات المستهلك.
13. الزيادة المستمرة في إرضاء المستهلك عند تكلفة أقل.
14. نمط تعاوني للأداء والإنجاز إعتمادا على القدرات والمواهب المشتركة للعاملين من أجل تحسين الإنتاجية والجودة من خلال فرق العمل.



15. إدارة الجودة الشاملة هي :
• الإدارة: التطوير والمحافظة على إمكانيات الشركة من أجل تحسين الجودة بشكل مستمر.
• الجودة: الوفاء بمتطلبات المستهلك وتجاوزها.
• الشاملة: البحث عن الجودة في أي مظهر من مظاهر العمل ابتداءً بالتعرف على إحتياجات ورغبات المستهلك وإنتهاءً ما إذا كان المستهلك راضيا عن الخدمات أو المنتجات المقدمة له.
16. التعرف على والوفاء بأكثر من توقعات المستهلك.
17. الوفاء بتوقعات وإرضاء كل من هو مرتبط بالشركة من موردين ومستفيدين ومستهلكين وحملة أسهم وموظفين وإدارة وعمال.
هذه التعريفات العديدة والمختلفة في بعض الأحيان والمترابطة في الحين والآخر بينهما أفكار ومفاهيم مشتركة وهي:
1. الجودة هي ما يسعى المستهلك له لإرضاء وإشباع حاجاته ورغباته.
2. الشركة المنتجة للسلعة أو الخدمة هدفها الرئيسي والأساسي إشباع وإرضاء حاجات ورغبات المستهلك بتقديم السلعة ذات الجودة.
3. إلتزام الإدارة العليا بشكل دائم ومستمر ودون تكاسل أو إسترخاء بجعل الجودة في المقام الأول من إستراجيتها وسياساتها ورقابتها واهتمامها.
4. العمل الدؤوب للتحسين المستمر للعمليات التي يؤدي بها العمل من أجل تحقيق الجودة.
5. التنسيق والتعاون المستمر بين جميع الإدارات والأقسام وفرق العمل لتحقيق الجودة.
6. إشراك جميع العاملين في الشركة وعلى كافة المستويات في الجهود لتحسين الجودة.
7. إشتراك الموردين والمستفيدين في جهود تطبيق إدارة الجودة الشاملة.
8. التركيز الدائم على مبدأ الجودة من خلال جميع مراحل الإنتاج وليس فقط المرحلة النهائية.
9. الإستخدام المستمر لأساليب البحث العلمي.
10. التأكيد المستمر على الجهد الجماعي وليس الجهد الفردي.

إن إدارة الجودة الشاملة كما نعرفها اليوم بدأت خلال فترة الإحتلال العسكري لليابان بعد هزيمتها بالحرب العالمية الثانية والاصلاحات العديدة التي ادخلها الجنرال دوجلاس مكارثر ما بين (1945 – 1952) على الحياة اليابانية بشكل عام وكان ممن كان لهم الدور الوؤثر وليم إدوارد ديمنج (W.Edward Deming) في أستخدامه لنظريته التي لم تلق اهتماما في امريكا خلال فترة عمله مع شركة جنرال موتورز في الرقابة الإحصائية على العمليات ولقد عرفه اليابانيون منذ مطلع الخمسينات ونال الوسام الامبراطوري نظير مساهاماته في حركة إدارة الجودة التي كانت سببا رئيسيا في إزدهار الاقتصاد الياباني ولابد من الإشارة هنا الى انتقال التقنية الادارية والصناعية الى اليابان بدأ في الخمسينات نتيجة لقناعة الشركات العالمية الامريكية بالحوافز والتشجيع الكبير الذي قدمته الحكومة اليابانية ومن خلال هذه البيئة لاقت نظريات ديمنج الاعجاب ونتج عنها (دوائر الجودة) المشهورة والتي كانت السبب الرئيسي لما وصلت اليه اليابان من تقدم في عصرنا الحاضر توصل ديمنج الى قاعدة مفادها أن 85% من الأخطاء التشغيلية سببه النظام المتبع من سياسات وأساليب وإجراءات وروتين وأعراف متبعة ولا يتحمل العامل إلا نسبة 15% من الأخطاء في عمله وسماها مبدأ( 85-15) إن البحث عن الخطأ في النظام هو الأساس وليس بالتركيز على خطأ العامل لأن مسئؤولية العامل لا تتعدى 15% فقط ولهذا فلا داعي لأن نتعجل بالحكم على الافراد في حالة الأخطاء لأنهم محكومون بنظام ولا بد من العمل على البحث في أخطاء النظام وتصحيحها.
إن النظرة التقديرية العالية لمساهمات ديمنج في اليابان تعتبر أحد الاسباب الاولية لما يطلق عليه (ثورة الجودة اليابانية)
وقد كان من أهم أرائه المدعمة إحصائياً أن 6% من مشاكل الجودة مرجعها كفاءة العمالة بينما 94% ترجع الى ضعف الادارة وعدم كفاءة العمليات الإدارية ويعتبر الاطار ذو الاربعة عشر نقطة الذي وضعه ديمنج للتأسيس التي تناولت مبادئ الجودة الشاملة وهي:
1. أوجد رغبة آنية مستمرة لتحسين المنتج أو الخدمة.
2. لتكن لديك فلسفة جديدة قوامها التوجه لتحسين الجودة.
3. أوقف الاعتماد على فحص الكتل او الكميات الكبيرة.
4. أوقف ممارسات تقويم العمل التجاري بناء على بطاقة السعر فقط.
5. اسع دائما وأبداً الى تحسين نظام انتاج الخدمة
6. استخدام طرق حديثة للتدريب والتعليم على العمل بما في في ذلك رجال الإدارة.
7. تبني أساليب حديثة في الإشراف وأن يكون هدفها مساعدة العمالة وحسن استخدام الآلات من أجل أداء وظيفة جيدة.
8. لكي يعمل كل عضو من أعضاء الشركة بطريقة فعالة يجب أن تشعرهم الإدارة بالأمان والاطمئنان في العمل والتخلص من الخوف.
9. العمل على إزالة العوائق والخلافات بين الأقسام والادارات المختلفة ويجب أن يعمل الافراد المسؤولون عن البحوث والتصميم والمبيعات والانتاج يعملون كفريق واحد لمواجهة مشاكل الانتاج التي قد تحدث عند إنتاج سلعة أو خدمة.
10. التخلي عن الشعارات وأن يكون الهدف هو حث العاملين على الوصول إلى مستوى الانتاج الخالي من العيوب.
11. التخلص من معايير العمل المبنية على أساس المعايير العددية للقوى العاملة أو الأهداف العددية للإدارة.
12. إزالة الحواجز التي تحرم العاملين من الزهو والتفاخر بالعمل.
13. تنظيم بعض البرامج التعليمية والتدريبة وبرامج التطوير الذاتي لكل العاملين لمواكبة التقدم التكنولوجي ويجب أن يتضمن التدريب الأساليب الإحصائية الأساسية.
14. وضع جميع العاملين في المنشأة في صورة مجموعات عمل من أجل إنجاز العمليات الإنتاجية والإدارية ويجب أن يأتي ذلك من خلال دفع الإدارة العليا كل يوم للنقاط الثلاثة عشر السابقة.

ولا شك في أن مساهمة ديمنج الرئيسية والتي تعتبر أساساً لكل الجهود اللاحقة في مجال إدارة الجودة الشاملة مبنية على المبادئ الخمسة لديمنج وهي:
1. أجعل الجودة جزءاً لا يتجزأ من نسيج العملية ولا تعتمد على الفحوصات والاختبارات الهادفة الى اصطياد الاخطاء ولكن تخلص من الأخطاء كلية.
2. أرع دائما العمل الجماعي وأزل العوائق التي تفرق بين الإدارات واجعل الأفراد يتعاونون بدلا من المنافسة.
3. ابن علاقات طويلة المدى بين الموظفين والممولين والعملاء قوامها المصلحة المتبادلة.
4. زود المديرين والموظفيين بكل التدريب الذي يحتاجونه للمشاركة الكاملة في عملية التحسين.
5. يجب ان تشارك الإدارة العليا في هذه الجهود لضمان استمراريتها في المدى الطويل وإن الجودة لا يمكن إشعالها بواسطة مفتاح الكهرباء وتذكر انها عملية وليس حدثاً.
واذا كان لمساهمة ديمنج فضل السبق إلا انها تعززت كذلك بفضل زميله الامريكي د. جوزيف جوران بشهرته في العمل على مساعدة اليابانين في تطبيق نظريته الخاصة باختلاف العمليات خلال فترة عمله مع مركز الانتاجية الياباني وبتركيزه الكبير على الادارة الجيدة واهمية الجانب الانساني في الجودة مشيرا الى ان 85% من النظم الإدارية هي السبب في فشل المشروعات وتوجه بدراساته والمبادئ الاساسية التي ركزت على الموقف والسلوك الانساني كأساس للمبادئ التسعة التالية:
1. تنمية روح الابداع: يجب ان يثبت المديرون الحاجة الى الاختراع ومن ثم ايجاد المناخ المواتي لتحقيق التغيير.
2. تحديد المشاريع القليلة الهامة: حدد الاوليات بناء على درجة تكرار حدوث المشكلة حدد الـ 20% من الفرص او المواقف والتي عندما تتحسن تمنحك اعظم النتائج.
3. نظم لتحقيق تغيير خارق في المعرفة: شكل مجموعة توجيهية لتحديد المشكلة والاسباب المحتلمة اعطاء صلاحية اجراء التجارب ومواجهة مقاومة التغيير والتغلب عليها والتنفيذ وشكل مجموعة تشخيصية لتحليل المشكلة ومساندة عملية لحلها.
4. اجراء التحليل: ادرس الاعراض ضع الفروض واجر التجارب لاختيار الاسباب المحتملة.
5. تقرير كيفية التغلب على مقاومة التغيير.
6. إحداث التغيير: يجب اقناع الادارات والافراد الذين ينبغي عليهم اتخاذ اجراءات تصحيحية بالتعاون بينهم.
7. وضع اساليب الرقابة: مراقبة ومتابعة الحل للتعرف على مدى صلاحيته والسعى الى التعرف على العناصر غير المعروفه.
إن أثر الجودة الشاملة الياباني انطلق في البداية من حاجة ونهم لا يوصف لاستيعاب التقنية الغربية بعد الهزيمة للحفاظ أساسا على استقلال اليابان من الاستعمار اليامريكي كما انطلق من البداية في في تحقيق حاجة السوق المحلية اليابانية كمنهج نادى به التقرير المسمى تقرير دودج عام 1949 للحكومة الامريكية واليابانية في النهج الذي يجب اتخاذه لمساعدة اليابان بعد الحرب لبناء البلاد في تركيز التقرير على (ان اليابان يجب ان تعمل على مساعدة نفسها بنفسها دون معونات غربية) فالعامل الياباني في بداية الخمسينات الذي يعمل في مصنع السيارات لم يكن لديه سيارة وأول ما تم التركيز عليه في شرائه السيارة المصنعة بيديه والعمل على تحسين جودة الصناعة من خلال الاستعمال كما ان معظم البيوت ان لم تكن كل البيوت بعد الحرب لا تتوفر فيها المتطلبات الرئيسية كالثلاجة والغسالة والراديو والتليفزيون الذي ساهم نفس العامل بصناعته إن تلبية احتياجات السوق المحلي قبل كل شئ كان ولا زال مصدراً اساسيا لتقدم الصناعة وجودتها.
ولإيضاح فلسفة ومبادئ الجودة الشاملة لابد من ربط هذه المبادئ بالفلسفة اليابانية بشكل عام فهم يرون بالبداية أن الهيكل التنظيمي ليس هرميا كما هو معروف بنظرية وممارسة الادارة الشائع عالميا بل بهيكل تنظيمي أفقي يحقق الجماعية وينعكس ذلك على اتخاذ القرارات غير المركزية وبما انهم يسعون الى انتاج سلعة متميزة فان البحث عن المشكلات التي تعوق التحسن المستمر بدلا من تجنب المشكلات وتفاديها .
وتركز إدارة الجودة الشاملة على انه يمكن تحمل أو قبول الأهدار والأخطاء ولذلك تقوم فرق العمل بتصميم المنتج وليست مفروضه عليهم من الادارة العليا ونجاح إدارة الجودة الشاملة منطلقه الرئيسي بالفلسفة اليابانية القائلة : بأن العاملين يعرفون العمل أكثر من المديرين ولهذا فهم قادرون على تحسين الجودة. وركز اليابانيون على الترابط ما بين الانتاجية والجودة أي إن تحسين الجودة يؤدي الى زيادة الإنتاجية بينما ترى الإدارة التقليدية ان الجودة والانتاجية هدفان متضاربان لا يمكن تحقيقهما معا وأكثر ما أدى لنجاح إدارة الجودة الشاملة الفلسفة القائلة: بأن الجودة مسؤولية الإدارة والنظام العام
بينما ترى الإدارة الشائعة أن الجودة مسؤولية العامل ويجب ان يلام عند تردي الجودة.
ويبقى فوق ذلك كله التزام الإدارة العليا اليابانية بدور قيادي فقط دون أي دور تنفيذي في تحفيز فرق العمل على الاستمرارية وديمومة التحسين المستمر للجودة وتركيزهم على منع الأخطاء والأعطال قبل وقوعها مما حقق لها النجاح والفاعليى والتميز. ويأتي بعد ذلك المنافسة الشديدة بين الشركات الصانعة لمحاولة إشباع وإرضاء حاجات المستهلك الياباني الذي يعتبر أكثر مستهلكي العالم اهتماما بالدقائق الصغيرة للمنتجات وجودتها.
إن الجودة مصدرها التدقيق والتركيز على التفاصيل الدقيقة من المستهلك الياباني الذي هو هدف كل الشركات اليابانية في تحقيق حاجاته ورغباته.








النظام الإداري (كيزن)
للتحسين المستمر

ظهرت في السنوات العشر الاخيرة الماضية كتب ومقالات عديدة عن الإدارة اليابانية حتى إن معظم هذه الكتب تم اعتبارها في قائمة أكثر الكتب مبيع للنهم والرغبة الجامحة لدى الغرب وغيره في محاولة معرفة خصائص التميز الياباني.
فكل ما نعرفه عن الإدارة اليابانية وكذلك الصناعة أنها عملية التوفيق والملائمة للتراث والثقافة اليابانية وضمن معطيات جغرافية وتاريخية وديموغرافية أدت للنجاح المتميز إلا انهم خلال الخمسينعام من النقل والمحاكاه والتقليد تمكنوا من الإتيان بمفاهيم وإبتكارات ونظريات إدارية يابانية صرفة مثل نظام كيزن (KAIZEN) الذي ابتكره الدكتور ماساكي أماي رئيس وصاحب معهد كيزن في طوكيو .

ونظام كيزن (KAIZEN) يعني بالدقه وينقسم الى مقطعين المقطع الاول من الكلمة KAI الأفضل او التغير التدريجي والمقطع الثاني ZEN لتعني الزيادة الطفيفة والتحسين المستمر.
ينطلق أماي في البداية بان خصائص الادارة اليابانية في الوظيفة الدائمة تعطي الفكر أفقا واسعا طويل مبنيا على الامان والاستقرار والقدرة على التفكير السليم لصالح العمل تجعل من الممكن لكثير من الافكار التحسينية قدرة على النجاح وتجعل العامل يفكر بمكان عمله ومعداته كأنها ملكا له. هذا المنظور طويل الامد من حيث الاهداف العامة والخاصة الى جانب خصائص السلطة الابوية المرتبطة كذلك بالاقدمية من حيث العلاوات والترقية تعطي زخما ودافعا للعمل الجماعي الذي تتكون حوله جماعات العمل والاجماع الذي يعتبر اساسا وافتراضيا لا يمكن لنظام كيزن او التحسين المستمر ان يمارس بغياب هذه الفرضيات التي تعكس البيئة الاجتماعية العامة لتنفيذ النظرية ولا يغيب كذلك عن الاذهان الترابط والتلاقح والتعاون ما بين النقابات العمالية والحكومية وقطاع الأعمال من تناغم ينتج عنه تحسين في الانتاجية. ويؤكد أماي ان النهج والمنهج صنوان لا يفترقان لنجاح نظرية كيزن التي تعتبر ذات أصل ومنشأ ياباني صرف لتعكس من خلالها النظرة الشمولية للإدارة اليابانية.
كيزن ليست إبتكاراً أو اختراع مفهوم او اسلوب جديد بل عملية تحسين وتطوير وإسراع في أفضل استخدام لما هو متوفر لدينا من مدخلات تشغيلية معروفة من (معدات وماكينات و رجال و أساليب عمل و تقنية ) ومحاولة التحسين خطوة بحطوة دون أية تكاليف إضافية مالية كما في الاختراع او الابتكار الفكر الاداري الغربي.
يركز على ضرورة تخصيص الاموال لشراء معدات جديدة أو تقنية جديدة اذا اردت التحسين والتطوير.
الفكر الياباني حسب اسلوب كيزن يركز على ضرورة اتخاذ كافة التدابير لإصلاح المعدات وتحسين موقع العمل ومعداته بأفضل استخدام دون صرف أموال إلا عندما تصل الضرورة لإختراع تقنية جديدة وبعد استنفاد كافة الامكانات لاستغلال ما هو متوفر.
ومن أهم خصائص النظام والفكر الإداري الياباني بأن المستهلك هو الأساس وهو الأولوية وهذا ينعكس في اسلوب كيزن في ادارة النوعية الشاملة أو نظام (QCD) النوعية – Quality و التكلفة – Cost و التسليم – Delivery ولا يهتم المدير الياباني كأولوية بالربح على حساب المستهلك الذي يعمل نظام كيزن على التحسين المستمر لصالحه كما أن الفكر الياباني لا يركز على أولوية النتائج القصيرة المدى بل رضاء المستهلك الطويل الامد الذي من خلاله تستمد الشركة الحاجة الى منتجات جديدة تستمدها من رغبات المستهلك الذي يطلب شراؤها .

ويستمد نظام كيزن مصداقيته في أنه يداعب الفطنة والادراك السليم من خلال
- مفاهيمة الاساسية الاولى (النوعية – التكلفة – التسليم) النوعية الافضل دون شك ستؤدي الى التكلفة الاقل أما التسليم فيعني ايصال المنتج أو الحدمة للمستهلك في الوقت المطلوب مما يوكد الكفاءة الانتاجية المطلوبة بشكل عام والفكر الاداري الياباني يركز على النوعية أولا دائما وكبداية.
ومن هذا المفهوم فهم لا يركزون على نوعية جيدة متميزة وبأقل التكاليف وبكميات كبيرة في البداية بل
بنوعية جيدة ومن ثم بكميات كبيرة مرتبطة بالاصلاح الاقتصادي المعروف (إقتصاديات الحجم) الذي
يؤدي الى اقل التكاليف .
- والمفهوم الثاني هو اسلوب الوقت المحدد الذي ابتكره أونو أحد مدراء شركة تويوتا ومارسته بشكل واسع منذ عشرين عاما والذي عرفه بأنه ( إنتاج أكبر كمية ممكنة الى الحد المطلوب ) والاعتقاد السائد ان هذا الاسلوب يركز على رقابة المخزون او تعديل خطوط الانتاج ويصعب عليهم التعرف على الكلمات اليابانية الثلاث المفتاحية التي تستخدمها تويوتا في هذا السياق والتي تبتدأ بحرف M وهي:
1- مودا – Muda التقليل من الإتلاف والاعطال
2- موري – Muri تخفيض إجهاد الفرد والماكينة
3- مورا – Mura التقليل من الاختلاف والتناقض
ويرى أونو أن نظام في الوقت المحدد (Just In Time) هو التركيز على هذه الكلمات الثلاثة من مجموعات العمل ونظام الاقتراحات في تويوتا الذي انتقل لكافة الشركات اليابانية ويكرر أن الثقافة اليابانية تدعو للتركيز عند النظر للأشياء أولهما في التحديق والتفرس البصري بتذوق والثانية بالتحليل والتمحيص في الدقائق الصغيرة بحثأ عن أحد الكلمات المفتاحية الثلاث المبتدئه بحرف M وهذا بنظرة يعتبر بداية لتطبيق نظام كيزن.
وع أن (النوعية-التكلفة-التسليم) تركز علة ماهية النوعية التي يريدها ويحتاجها المستهلك وما هو السعر الذي يدفعونه لهذه النوعية الجيدة والكمية التي يحتاجون توريدها بشروطهم تعتبر قاعدة اساسية للنظام المعروف باليابان برقابة النوعية الشاملة وكذلك نظام تويوتا ( في الوقت المحدد ) .
ويرافقهما اسلوب ثالث يسمى الصيانة الانتاجية الشاملة الذي يؤكد على ضرورة صيانة الالات والمعدات وانتاجيتها بتقليل الاجهاد والاعطال . فإن الابعاد الثلاثة لنظام كيزن تكون قد ترابطت وتآلفت لتحقيق الاهداف العامة للإدارة اليابانية الأول بالنوعية الافضل والثاني ماكينات مصانة والثالث بتقليل التكاليف الانتاجية.
ويبقى قبل كل ذلك بعض الاساليب الادارية والوقائية الرئيسية لنجاح نظام كيزن في ادارة النوعية الشاملة والتحسين المستمر وهما التنميط او التقنين وأرض الواقع فالادارة اليابانية الجماعية تقرر الاولويات التحسينية المطلوبة وهي كما سبق تحديدها بالترتيب (النوعية الافضل – التكلفة الاقل – التوريد المطلوب ) وإذا اردنا التحسين فانه يجب علينا أولا ان نتعرف على دقائق العمل الحالي وكيفيتها كما يرونها في هذا النموذج.

الإدارة العليا تحسين
صيانة
الإدارة المتوسطة تحسين
صيانة
المشرفين تحسين
صيانة ومداومة
العمال تحسين
صيانة ومحافظة



والاسلوب الآخر هو ما يطلقون عليه في اليابانية قيمبا ( Gemba ) وتعني المكان الذي يحدث فيه العمل ففي المصنع يكون العنبر الخاص بالعمل وفي مكان البيع بالمعرض الذي يقوم به البائعون بعرض البضاعة للمستهلك وفي المكتب الهندسي عند طاولة الرسم اي في المكان الذي يكون المستهلك متواجدا فيه والمبادئ الخمسة لقيمبا التي يبتدئ التحسين المستمر بها هي:
1- عند حدوث أي انحراف اذهب رأسيا الى قيمبا.
2- استفسر رأسا من المختص انظر وبهدوء وصبر وروية.
3- اتخاذ التدابير الوقائية الاولية رأسا.
4- ايجاد جذور المشكلة وحلها في مجموعات العمل.
5- اعداد التنميط والتقنين والمعايير الجديدة للوقاية من حدوث اي اثر على النوعية مرة اخرى.
والادارة اليابانية من منظور الادراك السليم المؤدي للاجراء السليم ترى ان الاكتشافات والاختراعات والتحسينات تأتي من الوقوف على ارض الواقع من مجرد التركيز على المبدأ الاول والثاني اعلاه كبداية والحل النهائي يتركز في المبدأ الرابع والخامس ان القيمة الحقيقية والجوهرية في المبادئ الحمسة هي الايمان الراسح لدى الادارة اليابانية بان ارض الواقع ومكان الحدث تعتبر اهم موقع للادارة لتحديد المشكلة وصناعة القرار بالتحسين المستمر فالادارة العليا ترى نفسها مساندا لقيمبا في الهرم المقلوب التالي:









فالادارةمسؤليتها على أرض الحدث اعداد المعايير وتقويم الادارة عندما يحدث خطأ او عند عرض الافكار التحسينية ترى فيه نفسها هي المسؤولة لانها اي الادارة لم تضع المعايير او التقنين المطلوب ان معظم الاسترخاءات وعدم حصول التحسين المستمر مصدره الادارة التي لا تؤمن بان عليها ات تذهب الى قيمبا او ارض الواقع والحدث بزيارات دائمة حتى تكون على صلة وادراك واحساس بالواقع.
ويوضح اماي كثيرا من التفاصيل الدقيقة للاجراء السليم المرتبط بالذوق والادراك السليم إلا انه يمكن تلخيص منهجه ونهجه في النقاط الخمس التالية:
1- اذهب الى قيمبا أولا لان ارض الواقع ومكان العمل والعمل والمبادئ الخمسة لها تعتبر القاعدة الذهبية الاولى للوصول الى النوعية الافضل للمنتج او السلعة او الخدمة.
2- التنميط والتقنين وإعداد المعايير القياسية هي اساس المحافظة والمداومة والصسانةوالابقاء على ما نقوم بعمله وكذلك تحسين العمل من جميع الجوانب فاتجاهك بالبداية الى موقع العمل للتاكد من المعايير القائمة ووجودها وضرورة تعديلها وتدريب العاملين على التقيد بها.
3- المبادئ الثلاثة لكيزن في التنفيذ هي (1) لا تستلمها (2) لا تنفذها (3) لا تمررها وتعني:
- لا تستلم اي تالف ممن قبلك لانه يؤثر على النوعية
- لا تعمل اي منتج تالف من خلال جزئية عملك
- لا تمرر اي تالف لمن يليك في اجراءات العمل
وكل هذه الثلاث قواعد تعني ان المدخلات ذات نوعية جديدة وتشغيلها ومخرجاتها بالطبع.
وهذا يعني كذلك أن تحسين النوعية هو الشغل الشاغل للجميع دون استثناء وليس مسؤلية جهة رقابية بل بالرقابة الذاتية وهذا ما يؤدي الى توثيق وضمان النوعية.
4- يتيقن من المشكلة بالارقام الاحصائية بجمعها كمصدر لتحسين النوعية لأن التحسين ينطلق من الاختبارات الكمية.
5- إن طرح الاسئلة (ماذا وكيف) أكثر من خمس مرات على النفس وعلى المجموعة تؤدي الى الوصول الى جذور المشكلة بدلا من التركيز على أعراض المشكلة.
إن نظام كيزن دون شك نابع من بيئة يابانية ومبنى على عناصر منطلقة من التجانس في الثقافة والتراث والاعراف والعادات المرتبطة بالجماعية والاجماع والوظيفة الدائمة والولاء والتعليم مدى الحياه إلا ان ما يؤكد امكانية تطبيقها خارج اليابان ما تم ممارسته في المصانع اليابانية خارج اليابان وفي امريكا بشكل خاص من قبل فروع مصانع السيارات اليابانية في امريكا مما يعكس امكانية نجاحها في بيئات اخرى وفيما اذا كانت للشركات المختلطة اليابانية في الدول الاخرى ويبقى نجاح انتقال هذه الانظمة والاساليب لخارج اليابان مثار جدل واسع بامكانية تنفيذ الوسائل والسبل اليابانية من عدمه موضوعا مشابها لما كان يدور ويستمر في السنوات السابقة واللاحقة عن مدى انتقال النظريات الغربية الى الدول النامية.



















الإدارة التسويقة

النظرية التسويقية الغربية مبنية على افتراض اساسي في المساواة ما بين البائع والمشتري ويرى الغربيون ان عملية البيع هي تبادل وتفاوض يكون فيه كلا الجانبين لديهم قوة متساوية أي ليس لأي جانب اي فوقية أو أي اكراه لإكمال العملية البيعية واي منهما يستطيع بحرية الانسحاب من التبادل والتفاوض اي ان التفاوض ما بين الطرفين المتساويين يسمونه لعبة الصفر مثل لعبة كرة القدم في فوز احدهما وخسارة الاحر وليست لعبة يكسب فيها الجانبان في مثل هذه العلاقة المتساوية يحاول متخصص في التسويق الغربى أن يؤثر ويناور ويستغل مواهبه ببراعة وبأساليب احيانا غير قويمة على المشتري حتى يشتري سلعته .
أما النظرة التسويقية اليابانية تتركز على أن العلاقة ما بين البائع والمشتري ليست أبدا علاقة مساواة . البائع الياباني وليس المتخصص في التسويق لأنه لا يوجد هذا التخصص في اليابان . ينظر الى المشتري على انه سيد الموقف ودوره كبائع هو دور الخادم والسبب المنطقى والعملى للتنظير الياباني يرتكز علة ان البائع دائما وابدا جاهز ومتحفز للبيع بينما المشتري لا يكون جاهزا ومستعدا بشكل دائم للشراء . ترى النظرية اليابانية أن البيع يحدث فقط بناءً على حاجة ورغبة وتحت أمر المشتري هذا البناء يرتكز على ان البائع يتنازل عن سلطته للمشتري ويترك للمعرفة الاحق في التقديم لترشده للاختيار الصحيح هذه العقلية اليابانية التي تؤكد ان البائع مستشار للمشتري وانه مساعد موثوق به لخدمته لذلك كله فإن البائع الياباني بإختصار هو بناء جسور من الثقة والعون للمشتري وهذا يعطينا الفرق والمقارنة الواضحة ما بين نظرية التسويق الغربية واليابانية.
المفهوم الاساسي للتسويق الياباني: بأنه العلاقة ما بين البائع والمشتري مبنية على الحاجة كما يسكيه الاقتصاديون او على السلوك الانساني. والمعرفة بالسلوك الانساني لا يتم قياسها في الاساليب العلمية الغربية بل بالحصافة والحدس والبداهة اليابانية . فمثلا تقوم الشركة الغربية بالدراسة العلمية أولا بإعداد استقصاء على عينه مختارة من العملاء لتعرف منهم اختيارهم المفضل وبعد ذلك تعمل على صناعة السلعة من حيث سماتها ومقوماتها وتصميمها منتهية في البرنامج الاعلاني والدعائي بعرض السلعة وعرضها في الاسواق . أما الشركة اليابانية فانها تقوم بالتحدث لوكلاء التوزيع وبعض المستهلكين بشكل مباشر وتعمل بعدها على صناعة كمية قليلة من السلعة وعرضها في الاسواق وتحصل على التغذية المرتدة من السوق وعلى أثره تقوم بالتفكير والتأمل بهذه المعلومات وتعديل المنتج وانتاج كمية جديدة تعرضها في السوق وهكذا وبهذا يختلف التطبيق الياباني للتسويق عن الاسلوب الغربي بأنه ياخذ طابع الحدس والزيادة المرحلية لنوعية المنتج ومقوماته وتصميمه.
ويرى الجانب الياباني بأن التنبؤ بالسلوك الانساني لا يمكن له ان يتحقق بالدراسات الغربيةالمعقدة بل بالاتصال المباشر وجها لوجه مع المشتري او المستهلك ولذلك يركز المدير والبائع الياباني على هذه الوسيلة الاتصالية ومراقبة المشتري في كيفية استخدامهم للسلعة المشتراه . فمثلا يركز الجانب الياباني في شركة هوندا بمصانعها في كاليفورنيا بأمريكا على مراقبة السائقين في كيفية استخدامهم لوقوف سياراتهم في مدينة ديزني وكيفية فتح باب السيارة في المواقف الضيقة مما أدى بالمصممين الى إعادة تصميم الباب الامامي للسائق ليصبح واسعا وحاصة للنساء في دخولهم وخروجهم من السيارة بسهولة ويسر وحشمة . ويلاحظ هنا ان الغربيين يركزون على دور المتخصص في التسويق والمختص الاعلاني والمستشار الخاجي دون ان يكون للمصمم او المدير دور في العلاقة مع المشتري.
وتعتمد الاستراتيجية التسويقية اليابانية على عناصر اربعة ( السلعة – السعر – الدعاية – مكان التوزيع ) والنوعية بشكل اساسي واولي والعناصر الثلاثة الاخرى تكون ثانوية فهم يركزون عليهم في اخداث قيمة مضافة على السلعة لانها هي الجوهر .
ونستطيع ان نلخص الاستراتيجية والسياسة التسويقية اليابانية بانها مرتكزة على علاقة اساسية لخدمة المستهلك اولا وذلك بتوثيق هذه العلاقة عن طريق الوكيل الوحيد لمنتج واحد يؤدي به على مراحل في التجربة ومنحنى التعلم الى التعديل المرحلي للمنتج في الابداع والابتكار منطلقة من استراتيجية اساسية بعدم المساواة ما بين البائع والمشتري وان الصانع الياباني يبتدئ الانتاج بكمية صغيرة وبسرعة ويستمر في التعديل والتصحيح مع منحنى تعلمه وعلى نقيضه الغربي الذي يبتدئ الانتاج بعد دراسة مكلفة وطويلة ومعقدة ولا يقوم بالتعديل والتصحيح الا بعد ان يفقد حصته من السوق فالياباني منطقى وعملى في تفكيره حيث لا يمكن له ان يملك حصة رئيسية في السوق لأن تقليد السلعة سيحدث قريبا ولذلك تجده دائما وابدا يركز على الابداع في الاتيان بسلعة جديدة او تعديل نوعية السلعة حتى يبقى له حصة من السوق .


















الإدارة البنكية
يتم طرح كثير من التساؤلات عن أسباب عدم تركيز الشركات اليابانية على تحقيق أعلى حد من الأرباح كما أن الكثيرين يحاولون معرفة الأسباب التي تدعو الشركات الصانعة اليابانية في التركيز كهدف للوصول الى أعلى حد من بيع الكميات المعروفة أصطلاحا بإقتصاديات الحجم الكبير دون التركيز على الارباح العالية كل هذه الاسئلة من الممكن الاجابة عليها من خلال الاستراتيجية الهيكلية للقطاع المالي كجزء من الاقتصاد الكلي بالتطرق لعدد من المحاور والمساقات التي تعطي إيضاحا للمنهج والنهج المالي والبنكي وأثره على السياسات المتبعة.
يؤثر على الاقتصاد والسياسة اليابانية نخبة قوية ذات نفوذ من رجال المال من مظمة زيكاي ويبلغ عدد لجانها 37 لجنة هذا ولا شك أن للنقابات واتحادات الموظفين ولجنة التنمية الاقتصادية اثر كبير على منظمة الزيكاي واتحادها وتمثل الزيكاي مجموعة رجال المال والاعمال والصناعة في تركيزها على الاقتصاد والمجتمع بشمولية عن طريق المشاركة في هذه المنظمات ومن خلال رجال مخضرمين ومن المتقاعدين الاقتصاديين والماليين تم اعادة بناء اليابان على ايديهم كما أن رجال المال والأعمال يمثلهم في مجلس النواب عدد من الأعضاء يصل في أقل الأحيان إلى 15% هذا الى جانب تعيين بعض الوزراء ممن يمثلون مصالحهم هذا الى جانب التأثير الكبير لدواوين الاستشاريين التي بلغت 250 ديوان .
إن التقليل من أهمية الارباح وازدياد الكميات كهدف وعن طريق البيوتات التجارية مصدره هيكلية الاستثمار والتمويل البنكي وأسواق رأس المال والسلوك الإدخاري للشعب الياباني. وأن فلسفة الشركات قائمة على أن الربح المتحقق ليس ما تسعى الشركات لتحقيقه لصالحها بل ما يتحقق للبنك ااتابع للاحتكار والذي يمول الاحتكارات الصناعية وبذلك تكون الفلسفة للربح هي ما يحققه البنك من عائد لتمويله الصناعة وليس الربح المتحقق للشركه تركزت هذه الافكار بأن بيع الاسهم للجمهور لن يحقق لصناعة انطلاقتها لأن المساهمين وتدخلاتهم ستجعل الإدارة للمصنع محجمة وخائفة وعلى أثر ذلك اصبحت جميع الشركات بالنسبة لحقوق الشركاء ممولة منهم بنسبة 20% و 80% من البنك التابع للاحتكار او التبع للشركة الام إن هذه الهيكلة غير موجودة في العالم كله إلا اليابان وهذه الهيكلة قانونيا قرض يجب على الشركة الوفاء بأقساطه السنويه مضافاً اليها الفوائد أي ان البنك لايعتبر عنصراً من تكوينة رأس المال وحقوق المساهمين بل يعتبر بديلا لرأس المال عن طريق القروض .
فالإقراض البنكي لحقوق المساهمين من البنك طويل الاجل وبنسبة قد تصل الى 80% من رأس المال يدعو الشركات الى التركيز في بيع أكبر كمية منتجه من السلعة واعتبار قسط البنك مع فوائده كجزء من تكلفة المبيعات فإذا خصمنا من قيمة المبيعات هذه التكلفة يتبقى لنا هامش الربح الاجمالي والذي يعكس الاجابة على الاستفسار الاول بتركيزهم الهمش الربحي المعقول والمقبول او ما يسمى كهدف بعدم تركيزهم على اعلى حد من الربح وبناء على هذه المعادلة فان البنوك اليابانية في جلبها مدخرات المواطنين ورصدها كودائع ومنحهم عليها فائدة تعتبر أقل نسبة فائدة في العالم ومنح قروض طويلة الاجل للصناعة بأسعار فائدة تصل الى زيادة في النسبة للفائدة بمقدار الثلث او النصف على اسعار الفائدة للقروض التجارية.
ومن منظور كلي آخر ليس لدى المدراء التنفيذين للشركات اي حافز لزيادة أرباحه بشكل كبير أكثر ما يحققه في تغطية التكلفة المباشرة وغير المباشرة بما فيها فوائد البنوك على القروض والقروض الاساسية طويلة الاجل.
ويعتبر هذا الفكر ابتكاراً وابداعاً وذلك لكي لا تتركز القوة والتأثير من الارباح بظهور احتكار جديد من المدراء فالشركة دفعت جزءاً من ارباحها للبنك غلى قروض طويلة الاجل فبذلك منحت الحكومة حافزا للشركات للتقليل من الضرائب على الربح الصافي ومن منطلق اخر لا يؤدي تركيز الادارة على الارباح العالية الى تخفيض الاتكالية على البنك باي حال من الاحوال لانه في حالة الرغبة في اصدار اسهم جديدة فانها تباع على المساهمين الاصليين بالقيمة الاسمية كحافز على ولائهم للشركة . ومن منظور جزئي يختص بنوازع النفس البشرية للمدراء التنفيذيين لتحقيق مصالحهم الذاتية فانه يمكن للمدير في الشركة الاستفادة من الربحية العالية وارتفاع قيمة السهم في السوق لانهم لا يحصلون على حافز .
لا يمكن للشركات الصناعية الحصول على قرض طويل الاجل وقرض اخر قصير الاجل لمساعدة الشركة مثلا لتصدير منتجاتها وبيعها للموردين الخارجيين فيقف ذلك عائقا في سبيل استمرارها في الصناعة لذلك تم اللجوء الى فكرة البيوتات التجارية وهو فصل الشركة الصانعة عن التوزيع بالجملة او التجزئة واعطائها الى الشركات الشقيقة الجديدة (البيوتات التجارية) التي ضخت الاموال في هذه البيوتات لتكوين السوق الجديد لما هو معروف اصطلاحا (سوق المال) وركزت البنوك في تمويل المصانع من اجل الانتاج المكثف وتركت التمويل الخاص بالتصدير للبيوتات التجارية التي تكون في بعض الاحيان تابعة للشركة الام.
إن التركيز الاستراتيجي على زيادة الإنتاجية وزيادة الكمية المباعة وإقتصاديات الحجم والإنتاج المكثف له ما يبرره من عقلانية ورشد في هيكلة النظام البنكي وكذلك عندما يقال ان الشركات اليابانية لا تركز للوصول على أعلى حد من الربح لأن جزاءً كبيرا من الارباح قد تم خصمها وإعتبارها تكلفة تتعلق في أقساط القرض وفوائده وزيادة الانتاجية ليست استراتيجية منطلقة من ابتكار وابداع بل من حاجة فرضتها الظروف والواقع البنيوي للشركات من حيث الوظيفة الدائمة والزيادة السنوية للراتب وليس امام الشركات اليابانية إلا الاتجاه نحو زيادة الانتاجية لانها المصدر الوحيد للبقاء والاستمرارية والتي تعتبر الهاجس الرئيسي للإدارة والشعب الياباني.










خصائص الإستراتيجية الإدارية اليابانية

عند النظر الى العلاقة القوية ما بين النتائج الإقتصادية اليابانية الباهرة المنبثقة عن الإبتكار والإختراع لمنتجات عالية الجودة وكاسحة لأسواق العالم وتتمتع بحصة كبيرة في السوق العالمي مع توسع وإنتشار البيوتات التجارية لهذه الشركات العملاقة فإن هذه المقدرة على النمو والتطور والحفاظ عليه خلال فترات طويلة من الومن قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها لابد أن تلاتبط بإدارة فاعلة وترابط وتنسيق مجتمعي واسع مؤدي للإستمرارية واذا كان لليابان مصادر عديدة للنجاح المرتبط بالتاريخ والجغرافيا والديموغرافيا فإن أكثرها أثراً يعود لحكمة السياسات الحكومية في تعاضدها وتشجيعها وقدرتها على تحفيز ودفع قطاع الأعمال (الصناعة، التجارة، البنوك، الخدمات) على الكفاءة الإنتاجية إن هذا الترابط ما بين الثقافة المؤثرة على السلوك الاقتصادي وأخلاقيات العمل الايجابية وإيجابيات السياسات الاقتصادية الحكومية مع خصائص الادارة اليابانية مجتمعة ادت الى الوصول الى هذه القدرات الاقتصادية اليابانية لوصفها بالمعجزة في الحديث وحتى تترابط المساقات فان هذا المساق سيركز على هذه الخصائص.

أولا: البيئة العامة لقطاع الأعمال

يمكن ارجاع النجاح الاقتصادي في اليابان منذ الانفتاح عام 1854 وحتى الان الى عوامل اساسية اهمها الانفتاخ على الغرب وعصر الميجية وحركة الاصلاح التصحيحية التي نفذها مكارثر بعد الحرب العالمية الثانية في تبني سياسات اقتصادية مشجعة ومحفزة لقطاع الاعمال.
ان الاستقرار والنمو الاقتصادي الذي تشهده اليابان منذ الاف السنوات مصدره الرئيسي الاول دون منازع بانهم شعب متجانس ومطيع ويتقيد بالتعليمات وقابل للحكم النابع من هذا الشعب المتجانس اذ لم يصلهم على مر التاريح اي استعمار اجنبي وحتى الحرب العالمية الثانية. وقد حققت اليابان الترابط والتعاضد ما بين البيروقراطية وقطاع الاعمال بشكل منقطع النظير بفضل التوجيهات والارشادات الصادرة من الحكومة وبفعل الطاعة للتعليمات التي سبق ذكرها وهذه التوجيهات الادارية للتعاون الصناعي كانت نهدف الى:
1- التنميط والتأطير وتوحيد المواصفات والمقاييس
2- الانتاج الكثيف لتنظيم كفاءة الحرب
3- مركزية المعلومات في طوكيو لتأكيد الرقابة للحكومة في تحديد مهام الحرب
ولا شك أن حملة بيري عام 1853 أطلقت شرارة الانفتاح والابتعاد عن العزلة والتجاه نحو أوربا وقد صدرت التوجيهات الادارية الحكومية عام 1941 بعد ظهور وتوهج نظرية الإدارة العلمية والتي ركزت على الكفاءة والانتاجية والتنميط لخطوات سير العمل والحركة والوقت وكانت اساسا للابتكار والابداع الياباني في قيادة السياسات والمواصفات والمقاييس والمعايير التنميطية للصناعة والتعليم . وقد استمرت التوجيهات الادارية الحكومية في اخذ منهج جديد بعد الاحتلال الامريكي في جنوحخا السلمي للانتاج المكثف وتصدير الفائض لدول العالم بالاضافة الى التنميط ومركزية المعلومات وتعتبر هذه التوجيهات هي القيادة والتنظيم الرئيسي للشركات اليابانية ويشعر اليابانيون بان هذه التوجيهات ثمثل الاغلبية ويتقيد الجميع بقبولها وتنفيذهل والسبب الرئيسي لهذا القبول كونها نابعة من مجتمع متجانس يفترض فيه خدمة موظفي البيروقراطية لمتطلبات الشعب وتتحقق اهميتها في قدرتها على حماية انتاج الشركات الصانعة في القضاء على العادم والفائض من خلال التنميط او من خلال المقاييس العالية للانتاج المكثف والمرتبط بحماية الصناعات المحلية.
ومع التماسك التنظيمي اتجهت اليابان الى الترابطية والاعتمادية لتحقيق مصالح متبادلة ما بين المساهم والعامل والمورد والمستهلك . وبفعل هذه التوجيهات اصبح الاتجاه للادارة العليا الممثلة في مجلس الديرين تنظر للنشاط ةالمردود من منظور الافق الواسع وطويل الامد وليس الحصول على اعلى حد من الربح للمساهمين ولكن لتحقيق مصالح الموظفون والعاملون والادارة العليا والمستهلكون والموردون والموزعون والبنك الممول الى جانب المساهمين ولا يمكن لمجموعة ان تحقق اغراضها على حساب الاخرى ولا يمكن اغفال اي مجموعة من الافلاس او الازمات فالعلاقة بين البنك والشركة هي فريدة من نوعها ا1 تعتبر علاقة تكامل بمنح قرض طويل الاجل وخدمات مالية واستشارات هذا الى جانب ضمان البنك للشركة بالاستمرار في حالة الخسارة والافلاس وأيضا فالمساهمون يتلقون ارباحا ثابتة على اسهمهم ويتم كذلك منحهم اسهم جديدة بالقيمة الاسمية في حالة الكتتاب الاضافي تعزيزا لولائهم وتفانيهم مع الشركة ان هذا كله يعكس الراحة النفسية للمديرين والعضو المنتدب للشركة لانهم بلا ضغوط عليهم للحصول على الربح في الاجل القصير وبإلقاء نظرة على هذا المثال تتضخ اهداف الشركات اليابانية مقارنة بالامريكية

أمريكا اليابان
العائد على الاستثمار 2,43 1,24
ازدياد قيمة السهم في السوق 1,14 0,02
الزيادة في حصة السوق 0,73 1,43
نسبة زيادة المنتجات الجديدة 0,21 1,06

ثانيا الاستراتيجية

استطاع اليابانيون بحكم العمل الجاد والاخلاص والتفاني والرغبة في البقاء على تفهم واستخدام النظريات الاستراتيجية لقطاع الاعمال والتي ظهرت في الغرب بشكل واضح وملموس في قراءة الكتابات اليابانية والتطبيق العملي .
وفي العمل التطبيقي نجدهم ينفذون استراتيجية التكامل الافقي في معظم اعمالهم الدولية اذ ان نظرية بورتر للتكامل الافقي تعني ائتلاف وجمع تقنيات مختلفة ومتميزة من حيث الانتاج والتوزيع والبيع ضمن الشركة الواحدة هذا التكامل الافقي ذو شقين احدهما امامي والاخر خلفي فالامامي يركز على ايجاد المصنع مثلا قريبا من المستهلك والخلفى في ايجاد المصنع قريبا من المواد الخام واستقرار تواجدها فتم بناء المصانع على الشواطئ للتقليل من كلفة شحن الخام من الموانئ إن عملية التشديد والتأكيد على تحقيق ورغبات المستهلك والسوق أدت وتؤدي الى ازدياد مقدرتهم في سرعة تحديد الفرص في السوق وقدرتهم الوقتية كذلك على تحديد حجم وأثر المنافسة. مثال ذلك ما قدموه في الساعات الرقمية مما اثر بشكل كبير على صناعة الساعات السويسرية وكذلك الكاميرات لمنافسة الصناعة الالمانية كما أن القدرة التسويقية اليابانية في الترابط بين الشركة المنتجة ووكيلها وموزعها والمستهلك في تركيزهم على اراء وملاحظات الموزع في مرحلة الابتكار للسلعة الجديدة وخير مثال لذلك تجربة تويوتا في منافسة فولكسفاجن ورينو .
فالاستراتيجية التسويقية اليابانية تعتمد على المنافسة الداخلية في انتاج السلع وأسكالها وحجمها وكثرة المنتجيين لنفس السلعة اكثر من جميع دول العالم فاليابان لديها 11 شركة منتجة للسيارات مقارنة بامريكا 3 فقط. وتركيزهم على حصة من السوق في اي مكان وذلك بالتركيز على النوعية المرتبطة بالسعر المعقول وفي الاسعار التخفيضية لغزو الاسواق والاحتفاظ بالحصة مع اقتصاديات الحجم ويلاحظ ذلك في الترابط الشديد ما بين الشركة المنتجة ووكيل التوزيع اذ يعتبرونه معهم ويقدمون له كافة الحدمات الضرورية لتحقيق الاستراتيجية التسويقية من تدريب ودعاية واعلان وهامش ربح جيد امبر من الشركة المنتجة.
ويبقى قبل ذلك الاستراتيجية الانتاجية في نظام (QC – TQM – TPM) او الادارة الوقائية للماكينات والمعدات ومجموعات العمل وادارة النوعية الشاملة في استخدام الماكينات والمعدات التقنية في انتاجية الماكينات الحديثة
ويساهم نظام كيزن (في الوقت المحدد) في تقليل المخزون من السلع المنتجة وكذلك في التقليل من المواد الخام والمشتريات مما له اثر كبير على استراتيجية الانتاج مما يقلل تكاليف السلعة وتكاليف التشغيل وكذلك الصرف السحي على البحوث التطويرية في اختراع وابتكار منتجات جديدة .

ثالثا: العناصر والخصائص البنيوية والهيكلية

ان السمات القيادية اليابانية تعكسها الثقافة والحضارة اليابانية في السلطة وتؤكدها القبول من المرؤوسين للقلئد او الرئيس إذ ان الترقية للوظائف الإشرافية والإدارة المتوسطة والإدارة العليا تتم ضمن الجماعية في الاستشارة للمرؤوسين في مدى قبولهم للقائد فالترقية مبنية على الاقدمية والخبرة الطويلةفي جميع النشاطات كما أن من خصائص تقويم المدراء والقادة بقدرتهم على تدريب وتطوير مرؤوسيهم في المبادأة والعمل الجماعي وصناعة القرارات الجماعية والاجماعية.
كما أن المساواة بين الجميع من قادة ومديرين وعاملين ادت الى التماسك الداخلي للشعب الياباني.
إن الافق والبصيرة الطويلة الاجل تجعل امكانية التقويم الطويل الاجل كذلك ممكنة ضمن مفهوم الزظيفة الدائمة وقد أتضح ذلك بشكل مسهب أثار السلوك الفردي والسلوك التنظيمي لهذه الحاصية على أرض الواقع في الولاء والانتماء والاخلاص والتفاني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق