الثلاثاء، ١ يونيو ٢٠١٠

نظريه التمظيم 2

الفصل الثانى
المحددات الموقفية ونماذج التنظيم

يمكن القول أن المدخل الموقفي يرفض وجود هيكل تنظيمي أمثل يصلح لكل الحالات والظروف ويقترح عوامل تؤدى إلى تعدد الهياكل التنظيمية بحيث يناسب كل هيكل تنظيمي موقف معين وهو ما قد يسمى أحياناً بالمدخل التعددى فى التنظيم ولقد تمت الكثير من الدراسات فى ظل هذا الاتجاه منها:
دراسة Burns, T. & Stalker, G. M. (1961)
أجريت هذه الدراسة لتحديد أثر التغير فى البيئة الخارجية على نوع الهيكل التنظيمي وتم تطبيقها على عشرين شركة تعمل فى صناعة الإلكترونيات بالمملكة المتحدة وتوصل الباحثان إلى إمكانية صياغة نوعين للتنظيم هما:
1 – الهيكل الميكانيكي.
2 – الهيكل العضوى.
1 – الهيكل الميكانيكي:
أشار الباحثان إلى أن هذا الهيكل التنظيمي يصلح تطبيقه فى ظل البيئة التى يتسم سلوك عناصرها بالاستقرار والثبات النسبي ويتميز هذا الهيكل بالخصائص التنظيمية التالية:
 ارتفاع تطبيق التخصص وتقسيم العمل إلى أدق تخصصات ممكنة ويتم أداء كل عمل من خلال وظيفة متخصصة.
 التحديد الدقيق للواجبات والحقوق والطرق الفنية لأداء الوظائف وتنفيذ الأعمال.
 وجود هيكل رئاسي للسلطة الرقابية والاتصالات مع وجود سلسلة واضحة للأوامر.
 تركز المعلومات فى قمة الهرم التنظيمي وذلك فى ظل افتراض أن المعرفة الكاملة عن المنظمة متوفرة فقط فى قمة التنظيم.
 تأخذ الاتصالات الاتجاه الرأسي بين الرؤساء والمرؤسين ويتم عادة فى شكل مكتوب.
 العمليات وسلوك الأفراد تحدد سلفاً فى ظل تعليمات وقرارات الرؤساء.
 التركيز على أهمية الولاء للتنظيم والطاعة للرؤساء.
 تتخذ القرارات بواسطة الرؤساء.
 الاهتمام بالعمل اليومى وكيفية وتوقيت انجازه طبقاً لما هو محدد سلفاً.
 يؤدى كل فرد عمله بالمنظمة بغض النظر عما يحدث فى باقي أجزاءها حيث تقف معرفته عند حدود مسئوليته.
2 - الهيكل العضوى:
يناسب هذا الهيكل تلك الظروف البيئية التى يتسم سلوك عناصرها بالتغير وعدم الاستقرار النسبي كصناعة الإلكترونيات وصناعة البلاستيك حيث تزيد درجة التغير التكنولوجى وكذلك رغبات وتفضيلات العملاء وسياسات الموردين والمنافسين ويمكن تحديد مجموعة من الخصائص التنظيمية لهذا الهيكل منها:
 التحديد العام للأعمال والوظائف وعدم الفصل بينها ووجود درجة مرتفعة من التداخل والارتباط بينها أى انخفاض التخصص وتقسيم العمل.
 وجود علاقات متبادلة فيما بين الأعمال والوظائف وزيادة درجة الاعتمادية بينها مع التركيز على أهمية ملائمتها للأهداف.
 انخفاض درجة التحديد الدقيق للواجبات والحقوق مع ضرورة إعادة النظر فيها من وقت لأخر بسبب تغير الظروف المحيطة.
 تم الاتصالات فى جميع الاتجاهات وليس رأسياً فقط ويغلب على محتوى الاتصال النصح والمعلومات أكثر من الأوامر والتعليمات.
 المعلومات متاحة للجميع وليست محتكرة فى قمة الهرم التنظيمي.
 انخفاض درجة الرسمية والتنميط للأعمال والاتصالات مع ارتفاع درجة المرونة.
 مسئولية الموظف ليست مجرد أداء عمله ولكن المساهمة فى تحقيق أهداف المنظمة من خلال هذا العمل.
 صعوبة تثبيت الخرائط التنظيمية لمدة طويلة بسبب تغيرات البيئة المحيطة.
 معرفة الهدف الكلى للمنظمة حيث أنه أساس التنسيق بين الأعمال.
دراسة Chandler Alfred
أجريت فى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1962م وذلك لبحث مدى تأثير التغير فى الظروف البيئية على تبنى استراتيجيات مختلفة وأثر تغير الاستراتيجية على الهيكل التنظيمي وتم تطبيقها على سبعين شركة أمريكية كبيرة الحجم مع التركيز على تحليل الهياكل التنظيمية لبعض الشركات العملاقة مثل G.M, Dupont, IBM, Standard Oil, & stears وتعد هذه الدراسة بداية ظهور مدخل الاستراتيجية- الهيكل Strategy- Structure ومنها تم التوصل إلى نتيجة مؤداها أن تغير الظروف البيئية يؤدى إلى ضرورة تغير الاستراتيجيات التى يجب أن تتبناها المنظمة مما يجعل الهيكل التنظيمي الحالى غير ملائم وضرورة تغيير خصائصه التنظيمية وإن لم يحدث ذلك ينخفض مستوى أداء المنظمة وخلاصة نتائجها الأخرى هى:
 لكل بيئة نموذج تنظيمي يلائمها.
 إن اختلاف درجة التغير البيئي يؤدى إلى اختلاف الخصائص التنظيمية للهيكل وإلا ينخفض مستوى الأداء.
 وجود متغير وسط بين التغير البيئي والهيكل التنظيمي وهو استراتيجية المنظمة.
دراسة Emery, F. E. & Trist, E.L. (1965)
ركزت هذه الدراسة على دراسة مدى تأثير اختلاف ظروف البيئة على تبنى نموذج له خصائص تنظيمية معينة وأثر ذلك على فاعلية المنظمة وقد قام الباحثان بتصنيف البيئة إلى أربعة أنماط مختلفة يناسب كلا منها هيكل تنظيمي معين والتى يعرضها الشكل.
البيئة الهادئة المحدودة النطاق Placed, Randomized البيئة الهادئة المتباينة Placed, Clustered
 يتميز هذا النمط البيئي بالثبات والاستقرار النسبي.  بيئة ثابتة ومستقرة.
 انخفاض عدد العناصر البيئية الخارجية وتجانسها.  بيئة بسيطة ولكن يوجد بعض التباين فى سلوك عناصرها التى تزيد عن الحالة السابقة.
 أبسط الأنماط البيئية.  تستطيع المنظمة التنبؤ بها إلى حد كبير مع أهمية التخطيط السليم فى التنبؤ
 يسهل التنبؤ بها وتخلو من المفاجأت.  يقاس نجاح المنظمة بمقدار ما يتحول إليها من عملاء المنافسين.
 يناسبها هيكل ميكانيكي بسيط.  يناسبها هيكل ميكانيكي فى التنظيم فى معظم خصائصه مع وجود بعض الخصائص التنظيمية تميل للهيكل العضوى للتعامل مع الجزء المتباين فى البيئة.
البيئة المضطردة نسبياً Disturbed, Relative البيئة القلقة المتقلبة Turbulent
 تزيد درجة التبايين فى سلوك العناصر البيئية.  زيادة عدد العناصر البيئية عن الحالات السابقة.
 زيادة عدد العناصر البيئية.  زيادة درجة التغير فى سلوك هذه العناصر إلى أعلى مستوى.
 زيادة درجة التغير وعدم الاستقرار فى سلوك العناصر البيئية مقارنة بالحالتين السابقتين.  زيادة درجة عدم التأكد ومن ثم صعوبة التنبؤ.
 صعوبة التنبؤ إلى مدى طويل بسبب زيادة التغير فى سلوك وعدد العناصر البيئية.  يوجد اعتماد متبادل بين المنظمات.
 زيادة أهمية التفاعل بين المنظمة وغيرها من المنظمات العاملة فى البيئة.  تعدد مصادر التغير فى البيئة وتنوعها.
 ارتفاع المرونة واللامركزية فى التنظيم.  المصدر الرئيسي للتغير فى البيئة هو العناصر نفسها.
 تميل الخصائص التنظيمية إلى الهيكل العضوى.  أهمية استخدام البحوث والتطوير فى مواجهة تغيرات البيئة.
 يناسبها الهيكل العضوى.
الأنماط البيئية
Source: Emercy, F.E. & Trist, E.L., "Casual Texture of Organization", Human Relations, Feb., 1975.
وخلاصة هذه الدراسة أن بيئات الأعمال يمكن تصنيفها من حيث درجة التغير والتعقد على مدى Scale مكون من أربعة درجات كما يلي بالشكل:




تصنيف بيئات الأعمال
ونستنتج من هذه الدراسة أن الخصائص التنظيمية تختلف باختلاف درجة التغير فى البيئة فكلما اتجهت البيئة إلى السكون والبساطة والهدوء كلما أدى ذلك إلى وجود الخصائص التنظيمية للهيكل الميكانيكي وكلما اتجهت البيئة إلى التغير والتعقد كلما أدى ذلك إلى وجود الخصائص التنظيمية للهيكل العضوى مع الأخذ فى الحسبان أنه لا يوجد هيكل ميكانيكي أو عضوى بنسبة 100% لأنه لا توجد بيئة ثابتة أو متغيرة بنسبة 100%.
ولقد كشفت هذه الدراسات عن مجموعة مما أسمته العوامل الموقفية Contingency Factors، أو الظروف والأحوال التنظيمية التى ترتبط باستخدام تصميم هيكلي معين. ومن أهم هذه العوامل الموقفية:
1- البيئة.
2- التكنولوجى.
3- الحجم.
4- العمر.
ولقد أنصب اهتمام أصحاب هذا المدخل على دراسة العلاقة بين الهيكل والأداء فى ضوء المتغيرات المستقلة وذلك من خلال مقارنة الهياكل الخاصة لشركات ذات أداء منخفض بأخرى ذات أداء مرتفع وتحديد أثر هذه العوامل.
شارلز بيرو:
وفى هذه الأثناء قدم عالم بارز أخر من رواد المدرسة الموقفية إطارا نظرياً لتحليل أثر التكنولوجى على الهيكل التنظيمي.
ولم يكن مفهومه للتكنولوجى مثل مفهوم منى اقتصر على الجانب المادى لها، وإنما صاغ لها مفهوما موسعا. يشمل جانبها المادى الملموس، وغير الملموس باعتبارها كل ما يتم على المادة الخام منذ إدخالها حتى خروجها فى شكل منتج تام الصنع. ولقد نظر للتكنولوجيا من خلال بعيدن وهما:
 درجة قابليتها للفهم والمعرفة والتحليل.
 ودرجة ما تتعرض له من استثناءات ومفاجأت كما يوضحها الشكل التالى:






أبعاد قياس التكنولوجى من وجهة نظر شارلز بيرو
ومن خلال هذه البعدين معا يمكن التوصل إلى وجود أربعة ملامح مختلفة للتكنولوجى التى تتعامل فيها المنظمات ومن ثم يجب أن ينعكس ذلك على الهيكل التنظيمي لتحقيق الفعالية.
درجة الاستثناءات
استثاءات قليلة استنثاءات كثيرة
قابل للتحليل وسهلة الفهم (1) تكنولوجيا روتينية: هيكل بيروقراطي (2) تكنولوجيا هندسية: هيكل لا مركزى
صعبة التحليل والفهم (3) تكنولوجيا مهنية: هيكل المشروع، مع حلال للمشاكل لديه الخبرة المهنية. (4) تكنولوجيا غير روتينية: هيكل عضوى مفتوح قابل للتكيف مع التعقد والتغير التكنولوجى.
نماذج شارلز بيرو الموقفي للهيكل التنظيمي طبقا لنوع التكنولوجيا
Mintzberge, 1979:
لقد قام هنرى منتزبرج فى كتابه الواسع الانتشار بمراجعة كل ما يتعلق بتصميم الهيكل التنظيمي وتجميع ما تب فى ذلك من أبحاث وخاصة أصحاب المدرسة الموقفية.
حيث لخص الافتراضات المختلفة التى تم اختيارها حول هذا الموضوع فى الدراسات السابقة عليه. ثم اقترح الأشكال الهيكلية التى يمكن أن تتناسب مع العوامل الموقفية المختلفة، ونحن سوف نحاول استعراض هذه الفروض بإيجاز ثم نقوم فى موضع لاحق بدراسة هذه الهياكل. لقد قسم هنرى منتزبرج العوامل الموقفية إلى:
 عمر وحجم المنظمة.
 النظام الفنى والتكنولوجى.
 البيئة.
 القوة Power.
(أ) عمر وحجم المنظمة: Age and Size
هل تختلف هياكل المنظمات الأكبر عمرا عن تلك الأصغر؟
وهل تختلف هياكل المنظمات الأكبر حجما عن تلك الأقل حجما؟
وهل يؤثر معدل النمو التنظيمي على الهياكل؟
هذه الأسئلة المهمة فى هذا الصدد.
وفى الحقيقة هناك الكثير من الأدلة البحثية على أثر عمر وحجم المنظمة على هياكلها يمكن حصر معظمها فى عدة فروض أساسية، اثنان يتعلقان بالعمر، وثلاثة بالحجم.
الفرض الأول:
كلما زاد عمر المنظمة، كلما أصبح سلوكها أكثر رسمية.
الفرض الثانى:
يعكس الهيكل عمر نشأة الصناعة.
Structure Reflects the age of founding of the industry.
الفرض الثالث:
كلما زاد حجم المنظمة، زاد هيكلها إحكاما وتعقيداً (Elaborate) بمعنى، مهام أكثر تخصصا وحدث أكثر تنوعا، مكونات إدارية أكثر تطوراً.
الفرض الرابع:
كلما زاد المنظمة، زاد سلوكها رسمية.

(ب) النظام الفنى والتكنولوجى: Technical System
سبق لنا الإشارة لى أهم رواد النظرية الموقفية الذين تعرض فى دراساتهم للعلاقة بين التكنولوجى والهيكل التنظيمي، والتى يمكن تلخيص نتائج دراساتهم فى فروض أساسية وهى:
الفرض الأول:
كلما زادت درجة انتظام Regulating النظام الفنى زاد درجة رسمية نظام التشغيل وبيروقراطية هيكل القوى الإنتاجية (Operating core).
(The more regulating the technical system, the more forma)
الفرض الثانى:
كلما زاد تعقد وتقدم النظام الفنى، زاد أحكام وتعقد الهيكل الإدارى وخاصة هيئة مساعدة مهنية أكبر وأكثر، اللامركزية الانتقائية أكبر (مع هؤلاء المهنيين). استخدام أكبر لأجهزة الربط (التنسيق عمل هؤلاء المهنيين).
الفرض الثالث:
تؤدى الأتوماتيكية الخاصة بالنظام الإنتاجى إلى تحويل الهيكل البيروقراطي إلى هيكل عضوى.
(جـ) البيئة: Environment
كما سبق أن ذكرنا لم يحظ متغير من المتغيرات الموقفية بما حظيت به البيئة من دراسات واهتمام باعتبارها أهم متغير موقفي يؤثر على تصميم الهيكل التنظيمي. ويمكن تلخيص أهم الأبعاد والتى تم من خلالها دراسة البيئة التنظيمية فى أربع وهى:
1 – الاستقرار: Stability
حيث يمكن أن تتدرج البيئة على هذا البعد ما بين بيئة مستقرة وثابتة إلى بيئة متغيرة وديناميكية.
2 – التعقد: Complexity:
حيث يمكن أن تتدرج بيئة المنظمة من بيئة شديدة البساطة إلى بيئة شديدة التعقد.
3 – التنوع السوقي: Market Diversity
حيث يمكن أن تتدرج بيئة أى منظمة من حيث هذا المقياس ما بين بيئة كريمة وسخية وبيئة عدائية فيما يلي:
وسوف ميتم استعراض خمسة فروض حول البيئة والهيكل:
الفرض الأول:
كلما زاد ديناميكية البيئة، زادت مرونة الهيكل.
الفرض الثانى:
كلما زادت درجة تعقد البيئة زادت درجة لا مركزية الهيكل.
الفرض الثالث:
كلما زادت درجة تنوع أسواق المنظمة زاد الميل نحو تقسيمها إلى وحدات على أساس السوق (مع مراعاة وفورات الحجم).
الفرض الرابع:
"إن العداء المتطرف فى بيئة أى منظمة يدفعها إلى المركزية الهيكلية إلى حين".
الفرض الخامس:
تؤدى درجة الاختلاف فى البيئة إلى تشجيع المنظمة على اتباع لا مركزية انتقائية لوحدات العمل المتباينة.
والخلاصة يمكن القول بأن المتغيرات البيئية تعتبر من أكثر العوامل الموقفية التى حظيت بدراسات تؤيد ما لها من تأثير عميق على الهيكل التنظيمي بدرجة تفوق تأثير العمر والحجم، والنظام الفنى. كما أنها تعتبر أهم متغير موقفي بالنسبة للإدارة الاستراتيجية فهى تصف الظروف المحيطة بالمنظمة.
ويمكن لنا أن نلخص أهم أبعاد البيئة وتأثيرها على الهيكل التنظيمي كما يصورها الشاكل التالى:
درجة التعقد
درجة الاستقرار ثابتة ديناميكية
بسيطة (1) درجة عدم تأكد منخفضة:
 هيكل مركزى بيروقراطي.
 التنسيق من خلال تنميط إجراءات العمل. (3) درجة عدم تأكد كبيرة:
 هيكل عضوى مركزى.
 التنسيق من خلال الإشراف المباشر.
معقدة (2) درجة عدم تأكد محدودة:
 هيكل بيروقراطي لا مركزى.
 التنسيق من خلال تنميط المهارات. (4) درجة عدم تأكد عالية جداً:
 هيكل عضوى لا مركزى.
 التنسيق من خلال التفاهم المشترك.
العلاقة بين المتغيرات البيئية والمتغيرات الهيكلية
محمد المحمدى الماضى، إدارة الاستراتيجية، (القاهرة: دار الثقافة العربية، 2002)
(د) القوة Power
إن عملية تصميم الهيكل التنظيمي لا تتم فقط على أساس مجرد الظروف الموقفية بصورة مجردة تماما. فهناك عدد من عوامل القوة تتدخل أيضا فى تصميم الهيكل وخاصة وجود رقابة خارجية على المنظمة، وهو ما يعتبر أكثر تحقيقاً فى المنظمات الحكومية.
ويوجد ثلاث فروض تشرح خلاصة العديد من نتائج الدراسات اهتمت بعوامل القوة والنفوذ.
الفرض الأول:
كلما زادت درجة الرقابة الخارجية للمنظمة، يزداد هيكلها مركزية ورسمية. ومن أهم وسائل الرقابة الفعالة على منظمة ما من خارجية هما:
 السيطرة على صانع القرار القوى بها وبمعنى أخر رئيسها.
 فرض معايير واضحة ومحددة عليها.
 ويعمل الأول بالطبع على زيادة مركزية الهيكل وتركيز السلطة.
 وأما الثانى فإنه يعمل على زيادة درجة الرسمية بها.
الفرض الثانى:
تميل احتياجات القوة والنفوذ بالأفراد إلى إيجاد هيكل شديد المركزية. فهذه حاجة طبيعية لدى معظم الأفراد فى البحث عن القوة والسلطة والنفوذ، فإن لم يكن من أجل مراقبة الآخرين فعلى الأقل لمراقبة قراراتهم والتحكم فيها.
ومنه ثم فإن مديري الاستراتيجية يميلون عادة إلى زيادة المركزية فى كل من البعد التنظيمي الرأسي والأفقى، أما الإدارة الوسطى فتميل لى المركزية الرأسية للسيطرة على الأقل على من هم أسفل منها. وهكذا حتى نصل للمستوى الإدارى المباشر الذى يعمل أيضا على تكريس السلطة كاملة فى يده.
الفرض الثالث:
إن الموضة السائدة تفضل هيكل معين سائد فى وقته، بصرف النظر عن عدم ملائمته أحيانا.
وكأن هذا الفرض يريد أن يقول لنا إن هناك هيكل اليوم، كما نقول سيارة اليوم، وطبق اليوم، ولبأس اليوم .. وهو ذلك الهيكل الذى تفضله صناعة معينة. وللأسف فإنه أحيانا تسود نغمات معينة مثل تلك التى سادت فى الستينات حينما كتب Bennis منقالته الشهيرة "احتضار البيروقراطية" فسارعت الكثير من المنظمات بالأخذ بهذه المقولة حتى ولو كان مشكلتها الأساسية ليست فى وجود البيروقراطية، وإنما تكمن فى عدم وجودها. وكأن مثل هذه التصرفات تتناقض مع أساسيات النظرية الموقفية التى أكدت فى كل دراسات روادها على ضرورة أن يتناسب الهيكل مع ظروف المنظمة كما سبق أو أوضحنا.
وبالطبع فليس معنى الهيكل الموضة أن يكون بالضرورة غير مناسب. وإنما تعكس الموضة السائدة أساليب جديدة فى التصميم التنظيمي قد تفيد فى كثير من الشركات المتشابهة القائمة. مثلما حدث بدأ ظهور هيكل الأقسام ونجح فإن معظم الشركات المتنوعة قد تبنته واستفادت به وكذلك لابد أن يراعى الأثر العام للثقافة فى هذا الصدد، وهناك من ينادى بأن للثقافة السائدة فى مجتمع قد أدعى أن نظرية البيروقراطية يمكن أن تلاقى نجاحا واستجابة فى المجتمعات الأوروبية الأكثر نظاماً وإشباعا كما حدث لها من قبل فى عهد الإمبراطورية الرومانية والفرنسية القديمة.
كما لاحظ بعض الباحثين وجود مثل هذه الفروق بين الثقافة اليابانية والغربية منعكسة بصورة واضحة على التنظيم.
وفى الثلاثين سنة الأخيرة قاد المؤلف الأمريكي الشهير ألفين توفلر حملة تبشير ضخمة بأنواع جديدة من الهياكل التنظيمية أطلق على بعضها فى كتبه (صدمة المستقبل 1970) الهيكل العرضي "ad- hocracy" ثم اتبع ذلك بكتب أخرى ذكر فيها أنواع بعد أن هاجم بشدة التنظيمات البيروقراطية التى الشركات وتجعلها كالسجن. ومن أمثلة ما ذكره فى ذلك قوله تخفى كل شركة كبيرة حاليا نوعا من المستعمرات حيث يتصرف كل سكانها مثل كل المستعمرين فى العالم، مطيعون، صانعون، فى وجود الصفوة المسيطرة، وحاقدون فى غيابها.. فالبيروقراطية هى نوع من الإمبريالية التى تسود على مختلف "المستعمرات" الخفية فى الشركة. وهذه المستعمرات ليست إلا العديد من المجموعات الصغيرة وغير الرسمية الحذرة والمستترة والتى تتولى فى الواقع تشغيل كل شركة كبيرة يعوق تنظيمها الرسمى عملها.
ولكل واحد من هذه المستعمرات قيادتها الخاصة بها ونظم اتصالات وهياكل غير شكلية للسلطة، والتى نادراً ما تتطابق مع هياكل التدرج الرسمي للسلطة إن عملية إعادة بناء الشركة طبقا لمبادئ ما بعد البيروقراطية تعتمد فى جانب كبير منها على الجهد لإزالة الاستعمار الذى سيحرر هذه التجمعات المرفوضة حتى الآن، ويمكن القول بأن المشكلة الرئيسية تكمن فى معرفة كيفية تحرير الطاقة المتفجرة والمبدعة التى تخفيها هذه المستعمرات السرية. ثم ينطلق بعد ذلك وقبله للتبشير بالهياكل المرنة وهو كما سبق أن ذكرنا صاحب التسمية المقابلة لبيروقراطية حيث أسمى الهياكل المقابل الهيكل الأدهوقراطي (العرضي، أو العفوى). ومن ثم تتجه الآن الكثير من الشركات إلى التأثير بهذه الموجه وقبل أن نترك منتزبرج لنا تساؤل حول أى هذه العوامل أكثر تأثيراً فى الأجزاء المختلفة للهيكل التنظيمي؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق