السبت، ١٩ يونيو ٢٠١٠

مشاركه طلابيه


بحث عن
مفهـــــــــــــــــــــــــوم
الشركـــــــــــــــــــــات متعدده
الجنســــــــــــــــــــــــــــــــيات

اعداد / اســـــــــــــــــــلام محمد عبدالحليم

الشركات متعدده الجنسيات

أصبح هذا المصطلح من لوازم اللغة الإعلاميه على مدى مايزيد عن العقدين بحيث يبدو أن معناه واضحاً ولا يحتاج للمزيد من التعريف , لكن هناك جوانب فيه تحتاج للتدقيق وأولها لفظه نفسه.

فأحياناً وفي السابق كان المصطلح يُِستخدم كمرادف لمصطلح آخر هو الشركات العملاقة بحيث كانا يختلطان ولا يدل المصطلح الآخر فعلياً على حقيقة الطابع الدولي للشركات الكبرى الذي يدل عليه مصطلحنا , ولكن من الناحية الأخرى فإن مصطلح الشركات متعددة الجنسيات يخفي هو الآخر حقيقة أخرى مهمة وهي أن هذه الشركات ليست في الواقع متعددة الجنيسيات بل هي تابعة لشركة أم عملاقة منشؤها الغرب أو الولايات المتحده على وجه التحديد وإن كانت دخلت على الخط في الأعوام الأخيره شركات عملاقة أوروبية أو آسيوية.
كل ما يحدث هو أن تعدد الجنسيه المشار إليه في المصطلح يوحي بأن الشركة تعمل وتنتج سلعتها أو خدماتها في بلدان عديدة بينما الواقع أن الإدارة العليا والكيان المادي والمعنوي والأرباح النهائية واقعة في بلد واحد بل إن هذه المنتجات قد حددت مواصفاتها المتعدده في ذلك البلد < ومن هذه الزاوية يصبح المصطلح ضارباً لأنه يوحي بتعددية غير موجوده في الواقع.

وربما كان السبب في هذا أن مفهوم التعدديه كان ولا يزال من المفاهيم الجذابة والكثيرة الإستعمال في الفكر الغربي ولغته الإعلامية , وكان ولا يزال يستخدم بدوره كمصطلح دعائي لإيهام الشعوب المستعمرة تقليديا بأنها تحددت بالفعل وأصبح لها كيانها المستقل الذي يدخل مع الغرب في علاقة ندية تمثل الشركات المتعدده الجنسيات أبرز تجلياتها في الميدان الاقتصادي.
ومن هنا يمكن تعريف الشركات متعدده الجنسيات علميا بأنها :
الشركات المتعددة الجنسيات
هي الشركات التي ملكيتها تخضع لسيطرة جنسيات متعددة كما يتولى إدارتها أشخاص من جنسيات متعددة وتمارس نشاطها في بلاد أجنبية متعددة على الرغم من أن إستراتيجياتها وسياساتها وخطط عملها تصمم في مركزها الرئيسي الذي يوجد في دولة معينة تسمى الدولة الأم Home Country ، إلا أن نشاطها يتجاوز الحدود الوطنية والإقليمية لهذه الدولة وتتوسع في نشاطها إلى دول أخرى تسمى الدول المضيفة Host Countries . ، واتضح بأن هذه الشركات تعتمد في أنشطتها على سوق متعدد الدول، كما أن استراتيجياتها وقراراتها ذات طابع دولي وعالمي، ولهذا فهي تكون شركات متعددة الجنسيات، حيث تتعدى القوميات، ذلك لأنها تتمتع بقدر كبير من حرية تحريك ونقل الموارد ومن ثم عناصر الإنتاج من رأس المال والعمل فضلاً عن المزايا التقنية أي نقل التكنولوجيا بين الدول المختلفة وهي مستقلة في هذا المجال عن القوميات أو فوق القوميات Supra National، وهي بالتالي تساهم ومن خلال تأثيرها في بلورة خصائص وآليات النظام الاقتصادي العالمي الجديد والتأكيد على عالميته وتعد من العوامل الأساسية في ظهور العولمة

وأياً كان الحال وبعيداً عن الحقيقة والخداع فإن المصطلح يدل ويجسد ظاهرة طاغية منذ الثمانينات وهي ظاهرة العولمة وإتخاذ الرأسمالية الطابع الدولي وتحقيقها للإنتشار العالمي بامتياز .. وهنا تكمن القيمة الدلالية والكاشفة للمصطلح .. فهو تعبير له مستويات متعدده من الدلالة قد يكون أبسطها هو مستوى الدلالة على عولمة رأس المال والعمليات المالية والمصرفية والإنتاج والإستهلاك والخدمات.
وعلى هذا المستوى يشير المصطلح إلى حالة من فرض ما يمكن أن نسميه بالتوحيد القياسي على مستوى كوكب الأرض بأسره , وهذا التوحيد لا يقتصر كما قد يتصور على المنتجات النهائية المحسوسة لكنه يمتد إلى الإجراءات والتصورات العقلية والمفاهيم التي تحيط بالعملية بأسرها , بما يلغي أي أثر لمفهوم غربي أخر شاع كثيراً في الكتابات الغربية في نفس الفترة كمفهوم إيجابي يحتذى وأعني به التنوع وهو صنو مفهوم التعددية.

ويؤدي هذا بنا إلى المستوى التالي للمصطلح وهو المستوى السياسي , فالشركات متعددة الجنسية هي كما هو معروف الذرة في السياسي الحالي لحركة الرأسماليه الدولية بعد زوال الإستعمار التقليدي ( تقريباً!) بشقية العسكري والسياسي السافر , فهذه الشركات التي تصل الى حد قلب الأنظمة السياسية والتدخل في مختلف شئون الدول التي تعمل بها تحت حجج تسيير الأعمال وإنجاح الإستثمارات وزيادة الأرباح أصبحت الآن الشكل اللطيف والمقبول للإستعمار والتدخل من جانب الدول الكبرى في شؤن دول يفترض أنها تحررت من الإستعمار.

فخير مثال على نفوذ الشركات نتعدده الجنسيات السياسى ظهور الولايات المتحدة كقوة عظمي في أول القرن العشرين. مع ظهور شركاتها التي تعمل في دول أخري. ولأن هذه الشركات قد ضاعفت ثروة أمريكا, فقد أصبح لها نفوذاً مؤثراً في دوائر صنع القرار, بحيث بات تحديها بمثابة تحدي لأمريكا. وبعد أن حازت تلك الشركات علي نفوذ وحماية سياسية, فقد أصبح من السهولة لها أن تدعو وكالة المخابرات أو الجيش الأمريكي, للتدخل لحماية مصالحها عندما تُهدد في الدول الأخري. وبتقدم القرن العشرين, أضحت الشركات متعددة الجنسيات أهم عامل في تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية.
فلقد كانت أول عملية إزاحة رئيس دولة أخري, من أجل مصالح تلك الشركات, هي الإطاحة برئيس نيكاراقوا, سانتوس زيلا عام 1909, لأنه سعي لتقليص سيطرة الشركات الأمريكية علي إقتصاد بلاده. ووضعت عملية الإطاحة به الأساس لسياسة أمريكا في التدخل المباشر في الدول الأخري لمصالح تلك الشركات. ثم جاءت مرحلة تحول بعدها رجال المال وممثلو ومُلاك أسهم الشركات من مجرد التأثير علي السياسيين الذين يصنعون القرار, إلي صُناع قرار وسياسيين . وأوضح من يمثل هذه الظاهرة في القرن العشرين هو جون فوستر دالاس, الذي عمل لعدة عقود لأكبر الشركات ثم تقلد منصب وزير الخارجية.
يجدر بالذكر أن دالاس كان قد أشرف علي عملية الإطاحة بنظام دكتور مُصدق في إيران عام 1953, ليتسني لشركات النفط الأمريكية الهيمنة علي النفط الإيراني. وقبل الانقلاب علي مُصدق, مارست شركات النفط نفوذها في فرض حظر علي صادرات إيران النفطية لأن حكومة مُصدق قد قامت بتأميم صناعة النفط. وفي شيلي, حاول رئيسها المنتخب ديمقراطياً, سلفادور اللندي, تأميم الشركات الأمريكية التي سيطرت علي إقتصاد بلاده, فقامت تلك الشركات بتمويل الانقلاب ضده بالتعاون مع المخابرات الأمريكية عام 1973.
أما في القرن الحادي والعشرين, فإن أوضح ما يمثل هذه الظاهرة هما إدارتا جورج بوش, الإبن, الذي تدير أسرته أعمال نفطية هائلة منذ ثلاثة أجيال. وبلغت أسهم نائبه, ديك شيني في شركة هالبيوترن 37 مليون دولار. وكان ديك شيني قد بدأ التنسيق مع هالبيوترن منذ عام 2001 لمنحها عقوداً للعمل في العراق. كما أن شركات النفط الأمريكية والبريطانية قد مارست نفوذها السياسي لإطالة الحصار علي العراق, قبل الإحتلال, لأن شركات نفطية صينية وروسية وفرنسية قد حازت علي عقود نفطية فيه. ثم دفعت تلك الشركات بمشروع إحتلال العراق عام 2003, لتهيمن علي ثرواته النفطية.
ولكي نتخيل ثراء هذه الإمبراطورية المالية, فإن هناك 500 شركة قد سيطرت علي 80 في المئة من التجارة العالمية عام 1998. وبعام 2000, فإن أربع شركات هي جنرال موتورز, وول مارت, أكسون وفورد قد فاق دخلها الناتج القومي للدول الأفريقية مجتمعة. وفي هذا الصدد, فقد صدقت نبوءة كارل ماركس حينما ذكر بأن الرأسمالية ستتطور إلي مرحلة الإمبريالية, بتصدير رأس مالها للخارج لإستغلال موارد الشعوب. ولهذه الإمبراطورية المالية المقدرة أيضاً علي ممارسة نفوذها في التأثير علي الإتفاقيات الدولية والإقليمية. فعلي سبيل المثال, مارست بعض الشركات وعلي رأسها إكسون نفوذها, ونجحت في رفض أمريكا التوقيع علي إتفاقية كيوتو 1997, التي دعت للحفاظ علي المناخ العالمي بتقليل كمية ثاني أكسيد الكربون الصاعد لطبقة الأوزون (تنتج أمريكا ربع الكمية العالمية منه). ولهذه الشركات نفوذها في البنك وصندوق النقد الدوليين, حيث تمارس, مقابل القروض للدول النامية, الضغط لفرض شرط الإنفتاح وإعادة هيكلة الإقتصاد, وبالتالي, إشاعة التوتر السياسي والإجتماعي نتيجة تصفية مؤسسات القطاع العام وتسريح العمال. وحتي العون المالي الذي تقدمه الحكومة الأمريكية للدول النامية, فغالباً ما يكون مرتبط بمصالح تلك الشركات. تشترط الحكومة الأمريكية علي معظم الدول النامية إنفاق 70 في المئة من العون الأمريكي في شراء منتجات الشركات الأمريكية. هذا يعني أن هذا المال يتم إعادة تدويره في الإقتصاد الأمريكي, مما يساعد علي نموه إضافة إلي فتح أسواق خارجية جديدة.
ورغم الثراء الفاحش لهذه الشركات, ورغم تدني الأجور في الدول النامية, إلا أنها تمارس إستغلال العمال فيها لتحقيق أقصي قدر ممكن من الأرباح, بإطالة ساعات العمل دون أجر إضافي وعمالة الأطفال, وعدم مراعات سُبل الحماية والصحة. وحتي عندما تساهم تلك الشركات في إنشاء بنية تحية وتوفير فرص عمل وتكنلوجيا, فإن ذلك يمنحها ورقة مساومة مع الدول المضيفة تحصل منها علي مكاسب كالإعفاء الضريبي وتفادي نظم البيئة وقوانين العمل. ولبعض هذه الشركات إعلاميين ووسائل إعلام تعمل علي نشر ثقافة الإستهلاك لسلع غير ضرورية, كأدوية مقاومة الصلع والمنشطات الجنسية والعطور والمساحيق وأدوات التجميل النسائية. وتنفق تلك الشركات ملايين الدولارات علي الإعلان, الذي يخطط له مختصون في علم النفس, بحيث يترسب في ذهن المُتلقِّي كأنما تلك السلع ضرورية. بل أن لبعضها "علماء" ظلوا ينفون, لسنين, أن زيادة ثاني أكسيد الكربون هي السبب في إرتفاع حرارة الكوكب.
إنتهاك حقوق الإنسان
يُعد تغيير الأنظمة الديمقراطية بأنظمة مستبدة إنتهاك لحقوق الإنسان, كما حدث, أثر نفوذ الشركات الأمريكية, في شيلي وإيران ونيكاراقوا. إلا أن تلك الشركات قد ضلعت ضلوعاً مباشراً في إنتهاك حقوق الإنسان. ومثال لذلك, تزويد شركة كاتربيلا الأمريكية للجيش الإسرائيلي بجرافات يستخدمها في هدم منازل الفلسطينيين. وكانت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة قد بعثت برسالة لهذه الشركة, مفادها أن بيعها لتلك الجرافات لإسرائيل يُعد إنتهاك لحقوق الإنسان.
وفي نيجيريا, ذكرت هيومان رايتس ووتش أن شركة شل قد تواطأت مع الشرطة والجيش في إنتهاكات حقوق الإنسان, عندما قمعت إحتجاجات سكان دلتا النيجر علي الآثار البيئية السيئة للتنقيب عن النفط فيها. وكانت دلتا النيجر عذراء ثم تلوثت المياه والزراعة والغابات فيها بعد التنقيب. ورغم إعدام الحكومة النيجيرية للمهتم بالبيئة, كين سارو عام 1995, إلا أن الحكومة الأمريكية واصلت علاقتها الوطيدة بحكومة نيجيريا للمصالح النفطية.
وفي الهند, لم تراع شركة يونيون كاربايد معايير السلامة المتبعة في الغرب. لذا, حدثت كارثة عام 1984 في مدينة بوبال التي مات فيها 11 ألف نتيجة تسرب الغاز السام. ولم تقتصر آثارها علي البشر فقط إنما شملت المياه والزراعة أيضا. في تلك الكارثة, إنتهكت يونيون كاربايد إثنين من حقوق الإنسان هما حق الإنسان في الحياة وحقه في بيئة نظيفة, لأن التمتع ببيئة نظيفة وصحية حق من حقوق الإنسان. ولما طلبت الحكومة الهندية من رصيفتها الأمريكية تسليمها مدير الشركة بناءً علي قرار المحكمة بتهمة القتل الجماعي, رفضت الأخيرة رغم وجود إتفاقية تبادل المجرمين بين الدولتين.
كما أن شركة نستل السويسرية قد إنتهكت حق الإنسان في الحياة, عندما تسببت منتجاتها في وفاة مليون ونصف شخص خلال الثمانينات, لأنها أدخلت مواد معدلة جينياً في تلك المنتجات. وفي عام 2005, كشف روميو مونالا, قائد عمال شركة نستيل في كلومبيا, أن نستيل قد أدخلت حليب منتهي الصلاحية في منتجاتها. وعلي آثر ذلك ضلعت نستيل في إغتياله بواسطة مليشيات محلية. وكانت شيفرون وكوكا كولا قد ضلعتا, بصورة غير مباشرة, في عملية إغتيال لقادة الإتحادات العمالية في الفليبين وأمريكا اللاتينية لأنهم عملوا علي نشر الوعي بالحقوق العمالية.
وتعمل تلك الشركات في الدول النامية علي التأثير في البِني السياسية والإقتصادية والثقافية, مما يشكِّل خطر علي الأمن القومي في حالات كثيرة. إن إصرار الدول العربية, لا سيما النفطية, علي الإرتباط الأحادي بالإقتصاد الغربي وبتلك الشركات لا مُبرر له. وذلك لأن الخبرة والتكنلوجيا متوفرة أيضاً لدي شركات روسية وصينية وهندية لا سعي للتأثير علي البِني المحلية. ومن ناحية أخري, فليس هناك معاملة بالمثل من قِبل أمريكا, لأنها, رغم إدعاءها لمبدأ التجارة الحرة, فقد منعت شركة الموانئ الأماراتية من الإستثمار في الموانئ الأمريكية عام 2006.
وبعد ذلك يأتي المستوى الثقافي أو الفكري أو الحضاري للمصطلح حيث يكشف عن الهيمنة الثقافية للغرب على العالم كله ليس من الناحية الإقتصادية كما يتصور البعض ولكن أساساً من النواحي الفكرية والقيمية والسلوكية وأن الشركات متعددة الجنسيات لا تنتج فقط سلعاً مادية أو تقدم خدمات محايدة الطابع بل إنها في إتساع نطاق نشاطاتها إلى حد لا يكاد يصدق ومن خلال النشاطات الدعائية والترويجية على وجه الخصوص أصبحت تمثل أسلوب حياة متكامل ورؤية مادية للحياة بأهدافها من الرفاهية المادية وسلوكها في إشباع الرغبات والحصول على اللذة بأي ثمن وإبعادها عن الفكر والدين وغلبة النظرة البراجماتيه على هذه الرؤية.
وايضا يمكن ان تتسم الشركات متعدده الجنسيات بجانب اقتصادى حيث يتسم النظام الاقتصادي العالمي الجديد بتعميق مفهوم العولمة الاقتصاد وتزداد فيه دور المؤسسات الاقتصادية الدولية، وتبرز فيه عدد من الملامح الهيكلية.
ولكن هناك ضروره لمعرفه ماهيه العولمه :
توجد صعوبة كبيرة فى تعريف العولمة والإحاطة التامة بها.فمصطلح العولمة يعتبر من أكثر المصطلحات إثارة للجدل في الآونة الأخيرة،وتشير الكتابات المرجعية، إلى أن هناك العديد من وجهات النظر حول تعريفها. من أهمها:
• أن العولمة تعبر عن نشر وحدات الأعمال كالمصانع ومنظمات الخدمات عبر العالم، وانتشار عمليات الشراء والبيع والعمليات المالية عبر أسواق العالم، دون حواجز جغرافية أو اقتصادية مؤثرة.
• وينظر إلى العولمة على أنها "التداخل الواضح لأمور الاقتصاد والاجتماع والسياسة والثقافة والسلوك، دون اعتداد يذكر بالحدود السياسية للدول ذات السيادة، أو الانتماء إلى وطن محدد، أو لدولة معينة، دون حاجة إلى إجراءات حكومية".
• أن العولمة ليست مجرد تنفيذ أعمال في الخارج أو التصدير أو الترخيص بالإنتاج خارج الحدود. ولكن العولمة عبارة عن مرحلة من مراحل نمو إستراتيجيات المنظمة وهياكلها وثقافاتها، أي أنها سلوك تنظيمي متطور تتبناه المنظمة بهدف التفاعل مع مجموعة من العوامل المتشابكة والمتداخلة.
• العولمة بأنها عبارة عن طور من أطوار التطور الحضاري يصبح فيه مصير الإنسان موحداً.
• ويرى أن العولمة عبارة عن التدفق الحر للبضائع والأفكار والأفراد ورؤوس الأموال، وكذلك المعلومات عبر بلاد العالم.
• ويرى أن العولمة عبارة عن مرحلة من مراحل تاريخ البشرية، يترتب عليها الإلغاء الجزئي أو الكلى لحدود الزمان والمكان والقيود المفروضة على الحركة والاتصال بين أجزاء العالم.

اغراض العولمه :
أن العولمة تؤدى مجموعة من الأغراض أهمها : إزالة العقبات والحواجز التي تحول دون العولمة، وتضع العراقيل أمام مسيرتها، الأمر الذي يعنى إنهاء التوجهات الجزئية على مستوى الاقتصاديات المحلية، حتى يتم الوصول إلى سوق عالمي واحد مفتوح بلا حواجز. كما تقوم العولمة ببناء هياكل إنتاجية مثلى للسلع والخدمات والأفكار، قائمة على امتلاك مزايا تنافسية على مستوى العالم.
الأطر المؤسسية للعولمة:
هناك ثلاث مؤسسات كبري تشرف علي عملية العولمة و تعمل علي إرساء قواعدها وبنياتها وهياكلها ، وهي :

- منظمة التجارة العالمية.
- صندوق النقد الدولي.
- البنك الدولي.

علاقة الشركات المتعددة الجنسيات بالعولمة :
دور الشركات متعددة الجنسية في انتشار العولمة

تعتبر الشركات متعددة الجنسية، الأداة الرئيسية التي ساهمت في انتشار الأعمال على نطاق دولي، منذ أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها وحتى الوقت الحاضر. وبتعبير آخر، فإن هذه الشركات هي التي تولت قيادة موجة العولمة. فقد قامت هذه الشركات بإحداث تغيرات هائلة من أجل العولمة.
هناك علاقة متبادلة (تأثير وتأثر) بين العولمة والشركات متعددة الجنسية. فالشركات متعددة الجنسية، ساهمت مساهمة مباشرة في ظهور وتنامي العولمة. وفى ذات الوقت فإن تلك الشركات أول من يتأثر بالعولمة، من حيث ضرورة قيامها بتطوير رسالاتها وأهدافها وإستراتيجياتها وسياساتها وتكتيكاتها، بما يتمشى مع المتطلبات الخاصة بالعولمة.
تأثير العولمه على إستراتيجيات الإنتاج بالشركات متعددة الجنسية :
أفرزت العولمة العديد من المتغيرات التي أثرت على إستراتيجيات الإنتاج بالشركات متعددة الجنسية، والتي فرضت على تلك الشركات تطوير إستراتيجيات الإنتاج بها، لتواكب تلك المتغيرات، وتتمشى مع التوجه العالمي الجديد. وقد توصلت إحدى الدراسات التي تمت في هذا المجال أن كبرى الشركات متعددة الجنسية في كل من الولايات المتحدة الأمريكية، واليابان، تقوم بتطوير إستراتيجياتها بالفعل، وجعلها استراتيجيات معولمة.
تأثير العولمه على إستراتيجية الموقع بالشركات متعددة الجنسية :
لقد أدت العولمة، إلى تطوير إستراتيجية الإنتاج الكلاسيكية، والتي كانت تميل فيها عملية اختيار مواقع أنشطة الإنتاج بالشركات متعددة الجنسية، نحو التركز في دول بعينها، وهى الدول الصناعية المتقدمة، إلى التحول نحو اللامركزية الجغرافية،فأصبحت الشركة متعددة الجنسية تختار على سبيل المثال، بريطانيا كموقع لنشاط البحوث، وألمانيا كموقع لنشاط التطوير، والمكسيك لأنشطة تشغيل المواد الخام، وايرلندا لخطوط التجمع الفرعية، والولايات المتحدة الأمريكية للتجميع النهائي... وهكذا.
ويعتبر الاستثناء الوحيد من تحول إستراتيجية الإنتاج نحو اللامركزية الجغرافية، هو تلك الشركات متعددة الجنسية، التي تطبق نظام الإنتاج في الوقت المحدد والتي تعتمد أساساً على اختيار مواقع أنشطة التصنيع أقرب ما تكون لمورديها. نظراً للخصائص الإنتاجية التي ينطوي عليها هذا النظام
تأثير العولمه على إستراتيجية تنوع الإنتاج بالشركات متعدده الجنسيات :
إن الخط التقليدي لإستراتيجية الإنتاج بالشركات متعددة الجنسية يقوم على أساس التنوع الشديد في المنتجات والأنشطة الصناعية.
فيلاحظ أن الشركات متعددة الجنسية، تقوم بالعديد من الأنشطة الصناعية المختلفة التي ليوجد بينها أدنى علاقة فنية،هناك من يرى أن العولمة ستعمل على زيادة تعميق تبنى الشركات متعددة الجنسية لإستراتيجية تنويع المنتجات والأنشطة الصناعية.
تأثير العولمه على تكنولوجيا الإنتاج المستخدمة بالشركات متعدده الجنسيات :
أدت المنافسة العالمية في البيئة الحديثة للصناعة، والتقدم التكنولوجي المستمر، إلى اتجاه إستراتيجية الإنتاج بالشركات متعددة الجنسية إلى تبنى استخدام تكنولوجيا الإنتاج المتقدمة كسلاح تنافسي في الأسواق العالمية.
وتشير الكتابات المرجعية إلى أن العولمة ستؤدى إلى قيام الشركات متعددة الجنسية بتطبيق تكنولوجيا الإنتاج التي تستخدمها في عملياتها الإنتاجية بكافة الفروع التابعة لها على مستوى العالم دون تمييز يذكر. وبتعبير آخر، فإن العولمة ستؤدى إلى عولمة تكنولوجيا الإنتاج المستخدمة.

ومن هنا نجد ان العولمه قد صقلت الشركات متعدده الجنسيات بالكثير من الصفات حيث تتمتع الشركات المتعددة الجنسيات والتي تعد من أهم ملامح ظاهرة العولمة أو النظام الاقتصادي المعاصر بالعديد من الصفات والسمات التي تميزها وتتحدد دورها وتأثيرها على النظام الاقتصادي العالمي، ومن أهم هذه الصفات :-
1 ضخامة الحجم : تتميز هذه الشركات بضخامة حجمها وتمثل كيانات اقتصادية عملاقة، ومن المؤشرات التي تدل على هذا، حجم رأس المال وحجم استثماراتها وتنوع إنتاجها وأرقام المبيعات والإيرادات التي تحققها، والشبكات التسويقية التي تملكها، وحجم إنفاقها على البحث والتطوير، فضلا عن هياكلها التنظيمية وكفاءة أدارتها. ولكن أهم مقياس متبع للتعبير عن سمة الضخامة لهذه الكيانات الاقتصادية العملاقة، يتركز في المقياس الخاص برقم المبيعات Sales Figure أو ما يطلق عليه " رقم الأعمال". كذلك يستخدم حجم الإيرادات لنفس الهدف، ووفقاً لهذا المقياس احتلت شركة ميتسوبيشي، بإجمالي إيراداتها الذي بلغ 184,4 مليار دولار، المرتبة الأولى بين أكبر خمسمائة شركة متعددة الجنسيات في عام 1995 م، والتي يصل أجمالي إيراداتها إلى نحو 44% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. كذلك تستحوذ هذه الشركات على نحو 80% من حجم المبيعات على المستوى العالمي. أن نشاط الشركات المتعددة الجنسيات حقق معدلات نمو مرتفعة تجاوزت 10% سنوياً أي نحو ضعف معدل النمو في الاقتصاد العالمي ومعدل نمو التجارة العالمية.
2 ازدياد درجة تنوع الأنشطة : تشير الكثير من الدراسات والبحوث، إلى إن الشركات المتعددة الجنسيات تتميز بالتنوع الكبير في أنشطتها، فسياستها الإنتاجية تقوم على وجود منتجات متنوعة متعددة، ويرجع هذا التنوع إلى رغبة الإدارة العليا في تقليل احتمالات الخسارة، من حيث أنها إذا خسرت في نشاط يمكن أن تربح من أنشطة أخرى. وقد قامت هذه الشركات بإحلال وفورات مجال النشاط Economies of Scope محل وفورات الحجم Economies of Scale والتي انتهجتها الشركات الكبرى بعد الحرب العالمية الثانية. ونتيجة لذلك تتشعب الأنشطة التي تقوم بها الشركات المتعددة الجنسيات قطاعياً وجغرافياً ن وهذا بالتالي يؤدي إلى تحقيق التكامل الأفقي والرأسي.
3 الانتشار الجغرافي – الأسواق : من الميز التي تتميز بها الشركات المتعدية الجنسيات هي كبر مساحة السوق التي تغطيها وامتدادها الجغرافي، خارج الدولة الأم، بما لها من إمكانيات هائلة في التسويق، وفروع وشركات تابعة في أنحاء العالم. لقد ساعدها على هذا الانتشار التقدم التكنولوجي الهائل، ولاسيما في مجال المعلومات والاتصالات. وتكفي الإشارة إلى أن شركة ABB السويسرية، تسيطر حالياً على أكثر من 1300 شركة تابعة منتشرة في معظم أنحاء العالم، مع العلم أن السوق السويسرية لا تستوعب إلا نسبة بسيطة للغاية من إجمالي مبيعات الشركة. وقد ساعدت على ذلك كله إبداعات الثورة العلمية والتكنولوجية في مجالي المعلومات والاتصالات، حيث أصبح ما يسمى الإنتاج عن بعد Teleportation حيث توجد الإدارة العليا وأقسام البحث والتطوير وإدارة التسويق في بلد معين، وتصدر أوامر بالإنتاج في بلاد أخرى.
4 القدرة على تحويل الإنتاج والاستثمار على مستوى العالم : أن هذه الخاصية ناتجة عن كون هذه الشركات تتميز بنشاطها الاستثماري الواسع في العالم، وكذلك كونها كيانات عملاقة متنوعة الأنشطة تسودها عمليات التكامل الأفقي والرأسي. على الرغم من ضخامة الاستثمارات الدولية التي تقوم بها الشركات المتعددة الجنسيات، فإن أكثر من ثلثي استثماراتها تتركز في الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي (إنجلترا وألمانيا وفرنسا) وسويسرا واليابان، ويعود هذا التركز إلى العوامل التالية : - المناخ الجاذب لهذه النوعية من الاستثمارات، - ارتفاع العائد على الاستثمارات، - تزايد القدرات التنافسية للدول المضيفة والتي تتحقق عادة من خلال انخفاض تكلفة عنصر العمل وتوافره وارتفاع مستواه التعليمي ومهاراته وإنتاجيته، - توافر البنية الأساسية وتسهيلات النقل وتقدم شبكات الاتصالات، - والطاقة الاستيعابية للاقتصاد القومي.
5 إقامة التحالفات الإستراتيجية : وهي تعتبر من السمات الهامة للشركات متعددة الجنسيات والتي تسعى دوماً إلى إقامة تحالفات إستراتيجية فيما بينها ومن أجل تحقيق مصالحها الاقتصادية المشتركة وتعزيز قدراتها التنافسية والتسويقية. أن هذه التحالفات هي نتاج المنافسة المحتدمة والتي صارت سمة أساسية للأسواق المفتوحة وثورة الاتصالات والمعلومات. أن التحالفات الإستراتيجية بين الشركات المتشابهة تتم في الصناعات المتماثلة بدرجة أكبر، وفي بعض الأحيان يأخذ هذا التحاف شكل الاندماج، وهذا يظهر بوضوح في مجال البحث والتطوير بما يحتاجه إلى تمويل ضخم، ومن الأمثلة على هذا التعاون، التمركز الأوروبي لبحوث الحاسوب والمعلومات والاتصالات التي تشترك فيه ثلاثة شركات أوروبية كبرى تنتج الحاسبات الآلية، وهي بول الفرنسية Bull و TCL البريطانية وسمنز الألمانية، وقد يتحول التحالف الاستراتيجي أيضاً إلى شركات تابعة مشتركة، للشركات متعددة الجنسيات. وكل هذا يمثل صيغ للتعاون لتحقيق الأهداف الإستراتيجية لكل شركة متعددة الجنسية تدخل في التحالف الاستراتيجي الذي يتم الاتفاق عليه.
6 المزايا الاحتكارية : تتمتع الشركات متعددة الجنسيات بمجموعة من المزايا الاحتكارية، وترجع هذه السمة إلى أن هيكل السوق الذي تعمل فيه هذه الشركات، يأخذ شكل سوق احتكار القلة في الأغلب الأعم، ومن أهم عوامل نشأته تمتع مجموعة الشركات المكونة له من احتكار التكنولوجيا الحديثة والمهارات الفنية والإدارية ذات الكفاءات العالية والمتخصصة. وهذا الوضع يتيح للشركات المتعددة الجنسيات الفرصة لزيادة قدراتها التنافسية ومن ثم تعظيم أرباحها وإيراداتها. وتتحدد المزايا الاحتكارية في أربعة مجالات هي التمويل، والإدارة، والتكنولوجيا، والتسويق. وتنبع المزايا التمويلية من توافر موارد عالية كبيرة لدى الشركة المتعددة الجنسية، وتمكنها من الاقتراض بأفضل الشروط من الأسواق المالية العالمية نظراً لوجود عنصر الثقة في سلامة وقوة مركزها المالي. تتمثل المزايا الإدارية في وجود الهيكل التنظيمي الذي يكون على أعلى مستوى من الكفاءة، ويسمح بتدفق المعلومات وسرعة الاتصالات، ويؤدي بالتالي إلى اتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب. أن توافر المزايا الإدارية يتيح لهذه الشركات التمييز والتفوق، لذلك تحرص على وجود وحدات متخصصة وقادرة في مجالات التدريب والاستشارات والبحوث الإدارية. وتحصل الشركات على المزايا التقنية، من خلال التطوير التكنولوجي المستمر، للاستجابة لمتطلبات السوق، والحد من دخول منافسين جدد وتقرير وضعها الاحتكاري، ولذلك تحرص هذه الشركات على التجديد والابتكار وتحسين الإنتاجية وتطويرها وزيادتها وتحقيق مستوى عال من الجودة. تأتي المزايا التسويقية للشركات المتعدية الجنسيات من خلال الشبكات التوزيعية والتسويقية، التي تعمل على توفير منتجاتها بحالة جيدة في الوقت المناسب. إن هذه الشركات تهتم بأبحاث السوق والتركيز على أساليب الترويج والدعاية والإعلان لمنتجاتها لضمان طلب متزايد ومستمر عليها.
7 تعبئة المدخرات العالمية : أن كل شركة من الشركات متعددة الجنسيات تنظر إلى العالم كسوق واحدة، ومن ثم تسعى إلى تعبئة المدخرات من تلك السوق في مجموعها بالوسائل التالية :
 طرح الأسهم الخاصة بتلك الشركات في كل من الأسواق المالية العالمية الهامة وكذلك الأسواق الناهضة، وغيرها. تعتمد الشركات متعددة الجنسيات، عند الإقدام على عمليات كبرى مثل شراء أسهم شركة منافسة بالقدر الذي يسمح بالسيطرة على إدارتها مثلاً، إلى الاقتراض من البنوك متعددة الجنسيات وبمعدلات عالية
 تستقطب الشركات متعددة الجنسيات الجزء الأعظم من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وتوجهه أساساً إلى أسواق الدول الصناعية التي تمثل ثلاثة أرباع السوق العالمية
 إلزام كل شركة تابعة بأن توفر محلياً أقصى ما يمكن لتمويل اللازم لها، من خلال وسائل مختلفة مثل المشروعات المشتركة، طرح الأسهم الخاصة بتلك الشركات في الأسواق المالية العالمية، الاقتراض من الجهاز المصرفي المحلي وغيرها.وبهذه الوسائل يمكن للشركات متعددة الجنسيات أن تقوم بتعبئة مقادير متزايدة من المدخرات العالمية.
8 تعبئة الكفاءات : تتميز الشركات متعددة الجنسيات بعدم تقيدها بتفضيل مواطني دولة معينة عند اختيار العاملين بها حتى أعلى المستويات، فالمعيار الغالب الذي تأخذ به هو معيار الكفاءة. والنمط المعمول به في اختيار العمالة في هذه الشركات هو الاستفادة من الكادر المحلي لكل شركة تابعة بع اجتياز سلسلة من الاختيارات والمشاركة في الدورات التدريبية.
9 التخطيط الاستراتيجي والإدارة الإستراتيجية : يعتبر التخطيط الاستراتيجي أداة لإدارة الشركات متعددة الجنسيات، وهو المنهج الملائم الذي يضمن ويؤدي إلى تحقيق ما تهدف إليه الشركة متعددة الجنسية والتعرف على ما ترغب أن تكون عليه في المستقبل. يكثر استخدام التخطيط الاستراتيجي في الشركات المتعددة الجنسيات وهي تسعى من خلال ذلك اقتناص الفرص وتكبير العوائد، وتحقيق معدلات مرتفعة في المبيعات والأرباح ومعدل العائد على رأس المال المستثمر. أن التخطيط الاستراتيجي هو الأداة الأساسية التي تستخدمها وتقوم بها الإدارة الإستراتيجية في تلك الشركات، لتحقيق الأهداف الإستراتيجية. وتعد الخطط الإستراتيجية في غالبية الشركات المتعدية الجنسيات في المراكز الرئيسية، ويترتب على ذلك أن قواعد التخصيص ووضع الأهداف الخاصة بكل شركة تابعة يرتبطان بتحقيق الأهداف الإستراتيجية للشركة وخدمة إستراتيجيتها العالمية. تعاظم الشركات المتعددة الجنسيات هناك العديد من المؤشرات والتي تدل على تعاظم دور الشركات المتعددة الجنسيات والعالمية النشاط ومن أهمها : _ أن حوالي 80% من مبيعات العالم تتم من خلال الشركات متعدية الجنسيات، وهو ما يعكس ضخامة قدرتها التسويقية والإنتاجية التي مكنتها من السيطرة على جزء هام من حركة التجارة الدولية. _ الدور الكبير الذي تلعبه هذه الشركات في تسريع الثورة التكنولوجية، فبفضلها زادت نسبة الاكتشافات التكنولوجية الحديثة والتي كانت نتيجة لجهود البحث والتطوير Research and development التي قامت بها هذه الشركات _ تجاوزت الأصول السائلة من الذهب والاحتياطيات النقدية الدولية المتوافرة لدى الشركات المتعددة الجنسيات نحو ضعفي الاحتياطي الدولي منها، ويدل هذا المؤشر على مقدار تحكم هذه الشركات في السياسة النقدية الدولية والاستقرار النقدي العالمي. أن ما ينبغي التأكيد عليه هو أن هناك رابطة سببية بين كل من العولمة والشركات متعددة الجنسيات، فكل منها غذي الآخر واستفاد منه خلال السنوات الماضية. تساهم العولمة في زيادة حجم الشركة، ومؤدية إلى توسع حجم الدمج والتملك Marger & Acquisition عبر الحدود. فعلى سبيل المثال في عام 1996 م، بلغ حجم الدمج والتملك 247,6 بليون دولار ويمثل هذا أكثر من 80% من أجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي. ومن ثم فإن العامل الرئيسي وراء الزيادة القياسية في حجم الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي في عام 1998 م مرجعه الزيادة السريعة في عدد وحجم عمليات الدمج والتملك على المستوى الدولي التي ارتفعت بنسبة 75% في عام 1998، لتصل 586,8 بليون دولار. وساهمت العولمة في إزالة العقبات التي وضعت في السابق لحماية السوق المحلي، ومن ثم يمكن للشركة التوجه للاستثمار واستيراد متطلبات الإنتاج دون عقبات تجارية. وبالتالي، فأن كل من العولمة والشركات متعددة الجنسيات قد أثر كل منهما في تطور والتأثير بالأخر، والمستفيد في النهاية الشركات متعددة الجنسيات. وخلال السنوات الأخيرة من القرن الماضي شهد عالمنا تغيرات كبيرة وضخمة وعلى جميع المستويات وكلها قادتنا إلى ما نسميه اليوم بالعولمة.
لقد نتج عن التغيرات الإقليمية والدولية والتحولات الاقتصادية والاجتماعية نظام عالمي جديد بمضامينه وأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والمالية والثقافية والسياسية المبني على اقتصاد السوق وتقليص دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي وتنامي دور الشركات متعددة الجنسيات والمؤسسات المالية الدولية التي أخذت تفرض على الدول النامية سياسات وبرامج إعادة الهيكلة والإصلاح الاقتصادي وإحداث تغييرات جوهرية في طبيعة العلاقات الدولية وصياغة علاقات مجتمعية إنسانية جديدة. ولقد ازداد عدد الشركات متعددة الجنسيات حيث أصبحت في أواسط التسعينات 35 ألف شركة تتوزع على الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية واليابان، وفي مستوى هذه الشركات تسيطر /100/ شركة الأكبر فيما بينها على معظم الإنتاج العالمي، وقد أكسبت الثورة العلمية والتكنولوجية الحديثة قوة إضافية لهذه الشركات وقدرة على الإنفاق على البحث العلمي. ويتضح من خلال نشاط هذه الشركات أنها قد ساهمت بشكل كبير في تفكيك عملية الإنتاج على الصعيد الدولي التي تتسم بعدم الاستقرار وبقابلية الإنقطاع والتي تهربت من أية رقابة أو اتفاقيات ملزمة وأنها نسقت مع المؤسسات المالية والمنظمات الدولية في الدخول إلى الدول النامية ولقد تجسدت ممارسة هذه الشركات في نشاطاتها في الاقتصاد الدولي بنمو دورها في تدويل الاستثمار والإنتاج والخدمات والتجارة والقيم المضافة والمساهمة في تشكيل نظام تجارة دولية حرة والتسريع في نمو أكبر للاستثمار المباشر العالمي والتطور السريع للعولمة المالية وتنامي التأثير على السياسات الاقتصادية للدول والمساهمة في تعميق الفقر في العالم وهجرة الأدمغة وتعميق الفجوة التكنولوجية بين الدول المتقدمة والدول النامية. ويمكن إيجاز أثر هذه الشركات على الاقتصاد الدولي بإضعاف سيادة الدول المتصلة وتقليص دورها الاقتصادي والاجتماعي وخلق شريحة اجتماعية طفيلية وإضعاف ميزان المدفوعات وحرمان الدول المضيفة من أنشطة البحث العلمي والتطوير وإغرائها بمنحها عائداً أكبر لاستثماراتها لإبعادها عن إرساء قاعدة إنتاجية لها وبنفس الوقت استغلال المزايا النسبية للدول المضيفة ولجوء هذه الشركات للتمويل من السوق المحلية في المرحلة اللاحقة والمساهمة بمعدلات منخفضة في العبء الضريبي وزيادة الفساد في المجتمع. ومن هنا تبدو أهمية تأسيس نظام اقتصادي عالمي جديد عن طريق إيجاد تعاون إقليمي بين الدول وإعادة هيكلية صندوق النقد الدولي وضرورة إصلاح نظام التجارة العالمي وتعزيز التعاون الصادق بين دول الجنوب ودول الشمال وبمراقبة مناسبة على تحرك رؤوس الأموال الخاصة وتشجيع تعاون عالمي في العلوم ونقل التكنولوجيا إلى الدول النامية وهذا يقودنا إلى الإجراءات الواجب اتخاذها في الإطار العربي لمواجهة الاقتصاد لعالمي الجديد عن طريق تعزيز الدور التنموي للدول العربية واحترام حقوق الإنسان وإطلاق الحريات الديمقراطية والتأكيد على زيادة الإنتاج والإنتاجية وتحقيق عدالة التوزيع وإعادة توزيع الثروة لتحقيق العدالة الاجتماعية والحد من نفوذ رأس المال الأجنبي ووضع معايير وضوابط لحركة رأس المال المحلي بما يخدم عملية التنمية وضرورة تطوير وتعميق التكامل والتعاون الاقتصادي العربي وتفعيل الاتفاقيات العربية في المجال الاقتصادي وتنسيق وتوحيد المواقف العربية في مواجهة المشروعات المطروحة من المنظمات الدولية ولاسيما المالية. ومن الأهمية بمكان أيضا إبراز دور النقابات وهيئات المجتمع الأهلي في مواجهة النظام الاقتصادي العالمي الجديد وشركاته متعددة الجنسيات بضرورة تفعيل مشاركتها الحرة والمستقلة وأهمية اكتسابها مركز تفاوضي قوي واجاد موقع إعلامي بما يعزز قوتها وتأثيرها وإرساء تضامنها تأثير الشركات المتعددة الجنسيات على الاقتصادي العالمي الجديد للشركات المتعددة الجنسيات تأثيراً كبير وعميق على آليات ومكونات النظام الاقتصادي العالمي الجديد، وهو ينحصر في النقاط التالية :
 التأكيد على صفة العالمية : من الطبيعي، أن الشركات المتعددة الجنسيات قد قامت بدور رئيسي في تعميق مفهوم العالمية والذي يتمثل بصفة أساسية في تطوير إطار أعمال منظم عابر القوميات يؤدي إلى عولمة الاقتصاد، بما في ذلك الدفع نحو توحيد وتنافس أسواق السلع والخدمات وأسواق رأس المال وأسواق التكنولوجيا والخدمات الحديثة، ويدعم بنية أساسية هائلة للاتصالات والمواصلات والمعلومات والإعلام والفنون والثقافة. أن الشركات متعددة الجنسيات حولت العالم إلى كيان موحد غلى حد بعيد من حيث كثافة الاتصالات والمعاملات فيه، وبالتالي من خلال هذه الشركات بدأت تنتشر العالمية أو العولمة على كافة المستويات الإنتاجية والتمويلية والتكنولوجية والتسويقية والإدارية
 التأثير على النظام النقدي الدولي : من الواضح جداً وهو يتبين من الحجم الضخم من الأصول السائلة والاحتياطات الدولية المتوافرة لدى الشركات المتعددة الجنسيات ن مدى التأثير الذي يمكن أن تمارسه هذه الشركات على السياسة النقدية الدولية والاستقرار النقدي العالمي. أن الأصول الضخمة المقومة بالعملات المختلفة للدول التي تعمل بها الشركات المتعددة الجنسيات، من شأنها أن تؤدي إلى زيادة إمكانيات هذه الشركات في التأثير على النظام النقدي العالمي. فإذا أرادت هذه الشركات، وبقرار يتخذ من جانب المسؤولين عن إدارة الشركات المتعددة الجنسيات بتحويل بعض الأصول من دولة لأخرى من شأنه أن يؤدي إلى التعجيل بأزمة نقدية عالمية
 التأثير على التجارة العالمية : من المعروف وكنتيجة لاستحواذ الشركات المتعددة الجنسيات على نسبة كبيرة من حجم التجارة وحركة المبيعات الدولية فإنها تؤثر بلا شك على منظومة وهيكل التجارة الدولية من خلال ما تمتلكه من قدرات تكنولوجية عالية وإمكانيات وموارد قد تؤدي إلى إكساب الكثير من الدول بعض المزايا التنافسية في الكثير من الصناعات والأنشطة. من الممكن ملاحظة تأثير الشركات المتعددة الجنسيات على حجم التجارة العالمية حيث ازدياد درجة التنوع في الأنشطة ووجود التكامل الرأسي إلى الأمام وإلى الخلف قد أدى ويؤدي إلى ازدياد حجم التبادل التجاري بين تلك الشركات ومشروعاتها التابعة أو فروعها في الدول المختلفة. *التأثير على توجهات الاستثمار الدولي : تشير تقديرات تقرير الاستثمار الدولي الصادر من الأمم المتحدة عام 2003 م، أن حجم الاستثمار الدولي المتدفق في العالم في تلك السنة قد بلغ أكثر من 300 مليار دولار والتي تدفقت في مختلف مناطق العالم. إن الشركات المتعددة الجنسيات تنفذ الجزء الأكبر من الاستثمارات الدولية سنويا. ويلاحظ في هذا المجال أن الخريطة الاستثمارية للاستثمار الدولي تتأثر بتوجهات النشاط الاستثماري للشركات المتعددة الجنسيات حيث لوحظ أن من أهم سمات أو خصائص تلك الشركات هي تلك الخاصية المتعلقة بالتركز الاستثماري، فقد لاحظنا أن هذه الشركات تتركز استثماراتها في الدول المتقدمة بل وفي عدد محدود من الدول المتقدمة، حيث تستحوذ هذه الدول على 85% من النشاط الاستثماري لتلك الشركات ومن ناحية أخرى تحصل الدول النامية على نسبة 15% فقط من النشاط الاستثماري للشركات المتعددة الجنسيات
 تكوين أنماط جديدة من التخصص وتقسيم العمل الدولي : أن تفاعل تأثير الشركات المتعددة الجنسيات على التجارة العالمية وتوجهات الاستثمار الدولي، قد أدى يؤدي إلى تكوين أنماط جديدة من التخصص وتقسيم العمل الدولي، وأصبحت قرارات الإنتاج والاستثمار تتخذ من منظور عالمي وفقاً لاعتبارات الاقتصادية فيما يتعلق بالتكلفة والعائد. أن كبر النشاط الاستثماري والإنتاجي والتسويقي والتجاري للشركات متعدية الجنسيات وما أحدثته الثورة التكنولوجية من إتاحة إمكانيات جديدة للتخصص، كلها أدت إلى وجود أنماط جديدة للتخصص وتقسيم العمل، ولاشك أن هذه الشركات تلعب دوراً رئيسياً في تعميق هذه العملية وأصبحت مشاهدتها متزايدة بين الدول الصناعية والنامية. ولعل هذا الاتجاه يتيح للكثير من الدول النامية فرصة لاختراق السوق العالمية في الكثير من المنتجات، حيث تتيح الأنماط الجديدة لتقسيم العمل الدولي لتلك البلدان اكتساب مزايا تنافسية في دائرة واسعة من السلع في الصناعات الكهربائية والالكترونية والهندسية والكيماوية، وخير دليل ومثال على ذلك هو تجربة النمور الآسيوية في جنوب شرق آسيا، ولهذا ومن وجهة نظرنا فعلى البلدان النامية الأخرى أن تستغل هذا الاتجاه في تعظيم صادراتها وأن تعرف أن من آليات التعامل مع الشركات المتعددة الجنسيات هي جذب تلك الشركات لتعمل وتوطن بعض الصناعات في الدول النامية التي تسمح بخروجها من دائرة إنتاج السلع الأولية والاستخراجية إلى الصناعات الأكثر فائدة من ناحية القيمة المضافة التصديرية
 التأثير على نقل التكنولوجيا وإحداث الثورة التكنولوجية : تقوم الشركات المتعددة الجنسيات بدور فعال ومؤثر في إحداث الثورة التكنولوجية.أن العالم يعيش اليوم الثورة الصناعية الثالثة، والتي نطلق عليها الثورة العلمية في المعلومات والاتصالات والمواصلات والتكنولوجيا العالية. ولهذا السبب فان التحدي المطروح أمام البلدان النامية، هو ضرورة تنمية قدراتها على خلق آليات للتعامل مع الشركات المتعددة الجنسيات. أن نقل التكنولوجيا من خلال الشركات المتعددة الجنسيات يتأثر بتوجهات الاستثمار الأجنبي المباشر الذي تقوم به تلك الشركات عبر مناطق العالم المختلفة، ومع الأخذ في الاعتبار العوامل المتعلقة في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، فأن هيكل النظام الاقتصادي العالمي الجديد من منظور تكنولوجي يتأثر بشكل واضح بهيكل الاستثمار الأجنبي المباشر الذي تقوم به الشركات المتعددة الجنسيات، فهي تقوم بدور فعال ومؤثر في إحداث الثورة التكنولوجية نظراً لما تتمتع به من إمكانيات وموارد بشرية ومادية ضخمة توجه نحو البحوث والتطوير.
إستطاعت الشركات المتعددة الجنسيات أن تقيم مشاريع لها خاضعة لسيطرتها في واحد أو أكثر من مجموعـة البلدان النفطية وغير النفطية، وأن تستفيد من حرّية التجارة ما بينها لفتح أسواقهـا جميعاً أمام منتوجات هذه المجموعات. وقد أدّى ذلك، في غالبية الحالات، إلى تكامل اقتصادات هذه البلدان مع السوق العالمية في إطار ستراتيجية الشركات المذكورة، بدون تحقيق التكامل الاقتصادي ما بين البلدان المذكورة. حصل ذلك تحت تأثير توجيهات التنمية التي طبّقتها البلدان العربية خلال الخمسينات والستينات من هذا القرن، والتي أهملت التنمية الزراعية، وركّزت على التصنيع من أجل التصدير إلى الخارج، معتمدة على استيراد التكنولوجيا الجاهزة من هذه السوق، من دون محاولة تنمية قدراتها التكنولوجية من خلال الاهتمام بالموارد البشرية، من تأهيل وتدريب لها وزيادة الاعتمادات المالية للدراسات ومراكز البحوث، إضافةً إلى توجيه التنمية نحو إشباع الحاجات الأساسية للسكان من تعليم وطبابة وصحّة وسكن. إن دخولنا عصر التكنولوجيا يفرض على بلداننا أن تقوم بإصلاحات تطال كل البنى التحتيّة، مع المحافظة على دور دولة الرعاية في المجتمع بإحلال العدالة الاجتماعية بين كافة فئات الشعب، وكذلك القيام بتحديث القوانين لتفعيل جباية الضرائب، والقيام بتعديل المناهج والبرامج التربوية لتتلاءم مع حاجات العصر، واستخدام نظم الإدارة الحديثة الفعّآلة بهدف ضخ إداراتنا المهترئة بالعقول والخبرات التقنية والمعارف والثقافة العامة، وإدخال المكننة والأجهزة الحديثة إليها لتتمم إنجاز المشاريع بأقل كلفة ممكنة، والاستفادة من كل الموارد المتاحة بشرياً ومالياً
اثارالشركات متعدده الجنسيات الاجتماعيـة على الدول النامية
-1تحجيم الصناعة الوطنية المنتجة، وتشجيع قيام فئة اجتماعية تعتاش على حساب
المجتمع لها مواصفات غير إنتاجية.
-2تكريس الفساد والرشوة وقيم أخلاقية وضيعة.
-3زيادة الهوّة بين الشرائح الاجتماعية، مما يؤدي إلى عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
إن توسيع قاعدة الارتباط بمصالح الشركات المتعددة في السنوات العشر الماضية، دفع العالم العربي إلى تبعيـة غذائية نتيجة تطور أنماط الاستهلاك وما تُعمِّمه من عادات وقيم في المأكل والمشرب والملبس، وما تقوم به من جهد على "المستوى الإعلامي"، بسبب مكاتبها المنتشرة في أكثر من مئة دولة في أنحاء العالم. وهي تلجأ إلى صرف المليارات من الدولارات على إعلاناتها بغية تسويق منتجاتها. فترسل أحياناً استمارات تفصيلية إلى أساتذة الجامعات المختصّين بالدراسات الإنتروبولوجية الثقافية والعلوم الاجتماعية والنفسية، تطلب فيها، لحساب الشركات، معلومات ذات فائدة (عادات الطعام، نماذج الاستهلاك عند العائلة، ...)، وذلك لمعرفة رغبات الناس وعاداتهم كي يستطيع مديرو الشركات تصميم منتجاتهم حسب نتائج هذه الدراسات.
إضافة إلى ذلك، تعمل الشركات على إرسال بيانات استطلاع الرأي إلى الصحف والإذاعات وتلفزيونات البلدان النامية، وذلك عبر الأقمار الصناعية، لجمع المعلومات حول الثقافة المحلية بغية تصحيح منتجات الشركة. وقد ساعدها في تحقيق ذلك ثورة المعلومات والاتصالات الحديثة، مما فجَّر ظاهرة التنافس الشديد بين هذه الشركات وأحدث تغييراً هائلاً في عملية نشأة سوق عالمية واحدة.
وقد سعت هذه الشركات إلى وضع مصالحها قبل مصلحة الزبائن أو المستهلكين، في عمليات اندماج قامت بها مؤسسات احتكارية تنتج سلعاً متشابهةً تُباع في الأسواق نفسها.
أما أضرار الاندماج بين الشركات التي تمارس أعمالها ضمن الصناعة نفسها، فتقلص المنافسة التي تنجم عن تخفيض عدد المؤسسات التي تنتج السلع نفسها، مما ينعكس سلباً على الزبائن من جرّاء القضاء على المنافسة التي كانت قائمة بين الشركتين المذكورتين. وهذا ينعكس على المصلحة الاقتصادية العامة.
من هنا، كان تدخل الحكومات للقيام بوضع القوانين والتشريعات الجديدة، وإنشاء هيئات حكومية لمراقبة عمليات الاندماج بين المؤسسات، وذلك للحدّ من التواطؤ بين المؤسسات العاملة ضمن الصناعة الواحدة، والتخفيف من حدة الحالات المنافية للمصلحة العامة.

ومن هنا يأتى سر تنافس الشركات متعددة الجنسيات على اجتذاب المواهب :
لا شك أن إدارة المواهب في إطار منظمة عالمية ينطوي على قدر أكبر من الصعوبة والتعقيد عما هو عليه الحال على مستوى الشركات الوطنية. وحتى الآن، لم يتمكن سوى عدد ضئيل من الشركات العالمية الكبرى من التعاطي بنجاح مع هذا التحدي. وفي هذا السياق، أجرى «معهد ماكنزي» استبياناً للقيادات الإدارية داخل بعض أبرز الشركات متعددة الجنسيات على مستوى العالم والتي تغطي مجموعة واسعة من القطاعات وجميع الأقاليم الجغرافية الكبرى. وخلصت الدراسة الاستبيانية إلى أن حركة الموظفين بين الدول ما تزال محدودة بصورة تبعث على الدهشة، ويتمثل أحد الأسباب وراء ذلك في خشية الأفراد من أن يؤدي الانتقال إلى دولة أخرى إلى الإضرار بحياتهم المهنية. إلى جانب ذلك، توصلت الدراسة إلى أن الشركات التي تنجح في تلبية احتياجات العاملين بها من أصحاب المواهب والتغلب على شتى العوائق التي تجابههم من ثقافية وغيرها، تتفوق في أدائها عن الأخرى التي تعجز عن ذلك. ومن الملاحظ منذ فترة بعيدة أن الشركات العالمية تكافح في التعامل مع الأجندة التي تتعلق بإدارة المواهب بصورة أكثر صعوبة من تلك التي تواجهها نظيراتها المحلية، الأمر الذي يمكن إيعازه جزئياً إلى حاجة هذه الكيانات العالمية للاشتراك في الموارد والمعرفة عبر عدد كبير من الوحدات التجارية والدول. ويتمثل سبب آخر في تميز مهام قيادة الكيانات العالمية بصعوبة خاصة. وبهدف تسليط الضوء عن قرب، أجرى المعهد لقاءات مع مديرين تنفيذيين ينتمون إلى 11 شركة عالمية كبرى، ودعا بصورة منفصلة كبار المديرين في 22 شركة عالمية للمشاركة في استبيان تم إجراؤه عبر شبكة الإنترنت حول كيفية تمكنهم من إدارة المواهب المتوافرة داخل شركاتهم بفعالية. وشارك في الاستبيان ما يزيد على 450 فرداً تتنوع وظائفهم ما بين رؤساء تنفيذيين ومناصب إدارية كبرى أخرى، وبينهم متخصصون بمجال الموارد البشرية. وجاءت استجابات المسؤولين الإداريين لتؤكد الانطباعات التي تولدت عن اللقاءات ومفادها أن الشركات العالمية تكافح حالياً على عدد من الجبهات المتعلقة بإدارة المواهب، مثل تحقيق قدر أكبر من التنوع الثقافي والتغلب على الحواجز التي تعوق حركة العاملين بها عبر الحدود الدولية وصياغة آليات متناغمة بمجال الموارد البشرية داخل وحدات جغرافية مختلفة.
وكشفت الدراسة عن أنه رغم ما تعلنه الشركات من تقدير لأهمية خبرات الإدارة الدولية، فقد بلغ متوسط تنقلات القيادات الإدارية العليا التي شملتها الدراسة عبر الحدود الدولية 1.5 مرة على امتداد حياتهم المهنية، مقابل متوسط بلغ مرتين بالنسبة لمديري الشركات الأفضل أداء. ومن النتائج المثيرة الأخرى أن المشاركين تنقلوا في المتوسط 1.7 مرة بين أقسام مختلفة داخل نفس المنطقة الجغرافية، لكنهم انتقلوا 1.3 مرة فقط بين وظائف مختلفة، ما يعد مؤشراً آخر على استمرار محدودية التنقل. من ناحيتهم، أوعز المشاركون بعدم حماسهم إلى التنقل بمختلف أنحاء العالم إلى عدد من الأسباب الشخصية، لكن كان أهمها الاعتقاد بأنهم سينتقلون إلى مرتبة أدنى بعد عودتهم إلى أوطانهم. وفي هذا الصدد، علق أحد كبار المديرين بقوله: «التجربة الخارجية لا يجري التعامل معها بجدية ولا الاستفادة منها»، مستطرداً أنه «يتم إهدار الكثير من الخبرات القيمة» نظراً لأن الشركات عادة ما «تهمل المدخلات التي يقدمها العائدون ويرحل الكثيرون منهم». علاوة على ذلك، يلعب مستوى الدعم الذي توفره الشركة لإمكانية تنقل موظفيها (مثل المساعدة في توفير السكن والجوانب اللوجستية للانتقال) دوراً حاسماً في تحديد إلى أي مدى يرى المغتربون في استلام وظيفة بالخارج أمراً إيجابياً لهم. بيد أنه يمكن القول بأن أهم نتائج الدراسة على الإطلاق كانت اكتشاف علاقة تبادلية بين مستوى الأداء المالي، قياساً بمعدل الربحية بالنسبة للموظف، وعشرة أبعاد تتعلق بإدارة المواهب العالمية. واتضح أن الشركات التي جاءت في الثلث الأعلى من حيث نتائج الاستبيان (عند حساب جميع الأبعاد العشرة مجتمعة) أحرزت معدل ربحية بالنسبة للموظف أعلى بكثير عن الأخرى التي أتت في الثلث الأدنى من حيث النتائج. وتجلت العلاقة التبادلية بصورة خاصة في مجالات ثلاثة: خلق آليات متناغمة على الصعيد العالمي لتقييم المواهب، وإدارة التنوع الثقافي وحركة قادة الكيان العالمي من منطقة لأخرى. وتوصلت الدراسة إلى أن الشركات التي تأتي بين الثلث الأعلى في النتائج في ما يخص هذه المجالات الثلاثة تتمتع بفرصة تبلغ 70 في المائة لأن تكون من بين الثلث الأعلى من حيث مستوى الأداء المالي.
على الجانب الآخر فإن الشركات التي جاءت في الثلث الأدنى من حيث النتائج فيما يتعلق بهذه المجالات الثلاثة تضاءلت احتمالية أن تكون من بين الأفضل أداء، خاصة إذا ما انتهجت الشركة آليات لتقييم المواهب العالمية تفتقر إلى التناغم. ورغم عدم تقديم الدراسة دليلا على هذه العلاقة التبادلية وافتقارها إلى منظور طولي، فإن ما كشفت عنه من ارتباط قوي بين مستوى الأداء المالي للشركة وتلك الممارسات الخاصة بإدارة المواهب العالمية، يعزز الاعتقاد بأن الأخيرة تمثل نطاقاً على درجة كبيرة من الأهمية ينبغي على القيادات المسؤولة على مستوى الشركات وبمجالات الموارد البشرية إبداء المزيد من الاهتمام به. وكذلك، تنطوي مسألة تحقيق تناغم عالمي بين آليات تقييم المواهب التي تتبعها شركة ما على أهمية كبيرة، ذلك أنه من أجل ضمان نجاح جهود تعزيز قدرة الموظفين على التنقل عبر الدول، ينبغي أن يشعر مديرو الوحدات بالثقة في أن الموظفين المنقولين إلى وحداتهم من أجزاء أخرى من المؤسسة على نفس مستوى كفاءة الأفراد العاملين معهم. إضافة إلى ذلك، تتطلب مسألة تعزيز التنوع داخل مؤسسة ما توفير الدعم والتدريب اللازمين. من ناحيتهم، شدد المديرون بمجال الموارد البشرية على ضرورة تعلم المغتربين المزيد عن ثقافة الدول التي ينتقلون للعمل بها، بدلاً من مجرد الاكتفاء بتعلم اللغة المحلية. وأوضح أحد المعنيين بإدارة الموارد البشرية أنه: «إذا تعين عليك الاختيار، فالأهم اختيار قائد يتميز بعقلية منفتحة عن شخص آخر يتمتع بالمهارات اللغوية المطلوبة». ويمكن القول بأن النتيجة الجوهرية التي يمكن استخلاصها من الدراسة ضرورة أن توجه الشركات مزيداً من الاهتمام لمسألة تدوير المواهب عالمياً عبر مختلف الأقسام والمناطق الجغرافية، الأمر الذي من شأنه دعم تنمية المواهب داخل الشركة، إضافة إلى تعزيز مستوى أكبر من الوعي والتنوع الثقافيين. من ناحية أخرى، تفحصت الدراسة السبب وراء إبداء بعض الشركات قدرة أكبر عن نظيراتها على تنمية المواهب العالمية، وتوصلت إلى أن الشركات التي تتميز بقيادات إدارية وأنظمة تشجع العاملين على اكتساب خبرات دولية، وتمد المديرين بحوافز لمشاركة مواهبهم مع الوحدات الأخرى، أكثر احتمالاً بمقدار الضعف لأنها تتمتع بممارسات أكثر فعالية للتنقل بين الدول عن الأخرى المفتقرة إلى مثل هذه القيادات والأنظمة والحوافز. وبصورة عامة، يتعين على الشركات العالمية توفير المزيد من وقت المستويات الإدارية العليا والموارد، لتحرير المواهب «المحصورة» داخل الحدود الوطنية ودعم برامج تنقل العاملين عالمياً.
ومن شأن إقرار مجموعة مشتركة من أدوات تقييم المواهب بمختلف أنحاء العالم تعزيز هذه الجهود وبناء الثقة لدى المستويات الإدارية الأدنى. وفي الواقع، يشهد عالمنا الآن تحقيق المزيد من الشركات لعوائد كبرى على الصعيد الدولي، بينما تتسع قاعدة عملائها والعاملين بها من خارج قوة العمل المحلية. وتشير هذه الدراسة إلى حاجة الكثير من هذه الشركات إلى إقرار توجهات وممارسات لإدارة المواهب العالمية تكافئ هذه الإنجازات.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق